علي اليامي
تقول إحصاءات حديثة أن نسبة النسخ (المرتجعة) من مجموع الكميات المطبوعة للصحف اليومية في كل الدول العربية بلغت 75% ، وتشير الإحصاءات نفسها إلى أن هذه الصحف ظلت تسجل تراجعا مضطرداً في استقطاب الإعلان الأمر الذي جعل كثيراً منها على حافة الإفلاس – إن لم تكن أفلست بالفعل – وأن أغلبها بدأ منذ فترة بعيدة يسرح أعداد كبيرة من الصحفيين والفنيين والموظفين الذين عملوا لعشرات السنين في هذه المؤسسات الصحفية . هذه الأرقام ( المؤلمة ) تؤكد حقيقة واحدة وهي أن الإعلام التقليدي أصبح اليوم يواجه واقعاً صعباً وأن عوامل زواله باتت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى ، ولعل الصحافة الورقية اليوم من يقرأها هم الذين يكتبونها أو يزيد قليلاً . وهذا الواقع لم يكن أمراً مفاجئاً أو وضعاً استثنائياً في ظل هذا الاجتياح الكاسح لتقنيات الإعلام الجديد لكل ما هو تقليدي فالعالم لم يعد قرية واحدة كما أعتاد الناس القول بل جهاز أو قرص أو زر واحد إن شئت القول أو أقل من ذلك بكثير . وفي اعتقادي أن الأجهزة أو الوسائط التقنية الحديثة ليست وحدها المسؤولة عن الواقع ( اليائس ) الذي تعيشه صحافة ( الورق ) اليوم بل الذهنية المختلفة التي تتميز بها الأجيال الحالية هي التي فرضت هذا الواقع وجعلت من الصحف الورقية جزء من تاريخ الإعلام المقروء الذي لن يجد بعد أعوام قليلة مكاناً له إلا على رفوف مكتبات المتاحف وخزائن الوثائق . هذا الجيل يحمل عالمه في جيبه والعالم عنده تم اختصاره في ( جوال ) فقط لاغير .
… يحاول البعض أن يجد مخارج للصحافة التقليدية من مأزقها التاريخي بطرح أفكار من شاكلة تطوير نفسها وتجديد دمائها لمجاراة الواقع الإلكتروني المتعاظم إلا أن هذه المحاولات ( الخجولة ) تظل مجرد أحلام وضرب من الخيال ( غير العلمي ) ولن تتعدى هذه المحاولات ( الإنقاذية ) دائرة البكاء على الأطلال لأن الطوفان القادم أقوى من كل السدود وأعتى من كافة المتاريس إنه عالم التقنية والفضاءات المفتوحة … وكل قرن وانتم بخير .