التحرير : دبي
… في صبيحة يوم من ايام العام ١٩٧٣م حزم المؤلف اللبناني المعروف عاصر أحمد أمتعته وافكاره وكثير من أحلامه متوجها إلى مدينة الرشيد .. بغداد مدينة الشعراء، والأمراء، والنور .. حط عاصر رحاله في بغداد وهو متجاذب بين مهام متعددة وسط مناخ تتجاذبه صراعات الساسة بعد حرب اكتوبر ١٩٧٣م .. أراد في البداية أن يكتشف أسرار هذه المدينة ويتعرف على ملامحها العتيقة عن قرب .. حرص على أن يفتح نوافذ للأمل ويضع قدما راسخة في مداراتها .. بعد شهرين فقط وبحسه الصحفي العاللي تمكن من التواصل مع عدد كبير من الشخصيات المهمة داخل مجتمع بغداد فكان ذلك مفتاحا أتاح له العمل في جامعة بغداد العريقة لتشرع أمامه مسارات اوسع وصداقات اكبر ..
… ودارت الأيام وتوالت الأحداث تباعا وعاصر المفتون بالعروبة والمشحون بعشقها يتوهج في أكثر من صعيد و يحقق نجاحا تلو نجاح.. لتبدأ قصة عشق دون ترتيب .. أثناء مساهمته في تنظيم ورشة عمل يشارك فيها ضيف من رموز نجد سطع وجه بين الحضور لامس شقاف قلبه الرهيف دون استئذان ليدخل مباشرة في جدلية صراع مابين المهنية وتحديات الجمال .. (مها البغدادية) هي كلمة السر .. مصورة عراقية تكاملت فيها أوصاف المحاسن واجتمعت عليها كل مفردات الحضور الباهي .. تعرف عليها وكأنه يعرفها قبل آلاف السنين .. سحرته ابتسامتها المشرقة وروحها الوثابة .. استأذنته لتبدأ عملها في التصوير فجاء رد فعله مرحبا ومهللا لطلب الفتاة ..
.. سألها عاصر بعد أن رأى براعتها في التصوير : هل تعملين صحفية؟ فكان ردها بالنفي ! فما كان منه إلا أن أبدى رغبته لها أن تنضم إلى فريق ورشة العمل وتقديم الضيف القادم من نجد وإدارة الحوار في جلسة مخصصة للضيف والحضور .. أسعده ردها بالإيجاب .. وبالفعل لم تخيب (مها) ظن عاصر فكانت مبهرة في أداء مهمتها ومتميزة في جميع تفاصيليها .. كانت تلك بداية لمشوار عشق غير منظور.. تكرر اللقاء في مؤتمر دولي عقد بلبنان … وفي كل مرة كان( عاصر ) ينداح فتنة في ساحات هذه النجمة البغدادية .. وتطورت العلاقة بينهما إلى شراكة مكتملة الأركان ويوما بعد يوم تولد قصص هي اقرب إلى نسج الخيال . .. المؤلف العاشق يذوب حبا و وجدا في هذه الفتاة التي مكلت جميع حواسه وتربعت فوق سويداء قلبه فأصبحت تشكل رقما مهما في جميع تحركاته .. وكانت لمساتها حاضرة في كل اعماله .. باتت (مها) محور اهتماماته فهو مفتون بعقلها الراجح ، وقلبها الطيب لذا حرص أن يقدم لها كل خبرته وفتح أمامها أبواب النجاح … ورغم مرور السنوات وافتراق الطرق ، وتوالي الحوادث إلا أن (مها) ظلت مثل الوشم على صفحة قلب (عاصر) .. أحتلت مساحات شاسعة في مذكراته فهو لاينفك يذكرها حتى بعد أن باعدت بينهما الأيام والظروف .. هي قصة توأمة روحية مابين القلب والقلب ، وملحمة مشاعر أزلية بين الأستاذ والتلميذة ..