دبي : متابعات
فتح التمرد الذي قاده جنود في فيلق العمليات التابع لجهاز المخابرات السابق، بالعاصمة الخرطوم الباب أمام تكهنات عن دوافع المتمردين والمستفيدين منه، وأثر ذلك على التحول الديمقراطي في بلد لا يزال فيه إرث الرئيس السابق عمر البشير يثقل كاهل السودانيين.
وجاء تمرد الجنود احتجاجا على عدم تسلم عدد منهم حقوق نهاية الخدمة كاملة.
وكانت دائرة المخابرات العامة، تحت اسمها السابق، الجهاز الوطني للاستخبارات والأمن، العمود الفقري للجهاز القمعي التابع للبشير.
واختار معظم عملاء فيلق العمليات التسريح، بدلا من البقاء في دائرة المخابرات العامة أو الانضمام إلى القوات الحكومية الأخرى.
ولكن يبدو أن السلطات المركزية قد غيرت شروط الصفقة، وقلصت حزمة كل وكيل لإنهاء العقد من حوالي 2,500 إلى 250 دولار.
لكن البيانات المتناقضة ولدت الارتباك حول ما حدث في الواقع، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.
صراع الأجهزة وعرقلة التحول الديمقراطي
قالت الحكومة المدنية والجيش إن التمرد اندلع بسبب حزم الانفصال. ووصف عبد الفتاح برهان، رئيس مجلس السيادة وجنرال في الجيش، الأمر بأنه “مؤامرة تهدف إلى تقويض الثورة السودانية”، وقال إن السلطات ستظهر دليلا على أنه تم التخطيط للتمرد مسبقا.
وردد رئيس قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، وهو أيضا نائب رئيس مجلس السيادة، اقتراحا بالتآمر. واتهم رئيس جهاز المخابرات العامة السابق صلاح قوش، الذي أنشأ فيلق العمليات في 2005 ، بالتورط في التمرد.
وبحسب تقرير الصحيفة، هناك أسباب للتشكيك في نظريات المؤامرة هذه.
وتشير الصحيفة إلى أن المناطق المحيطة بقواعد جهاز المخابرات العامة كانت تحت وطأة القتال. وكان المتمردون قد صدوا هجمات الجيش وقوات الرد السريع، لكنهم لم يحاولوا الاستيلاء على مواقع استراتيجية.
وبحسب تقرير الصحيفة، توضح هذه الأحداث العقبات الأكثر عمقا التي تعترض التحول الديمقراطي الناشئ ومصدرها الجهاز العسكري والأمني المترامي الذي أنشأه البشير لتثبيط التحديات التي تواجه سلطته.
ففي العقد المنصرم، كان فيلق العمليات المتنامي في جهاز المخابرات العامة يحميه من الجيش، وبعد عقد من الزمن، أدى صعود قوات الرد السريع إلى خلق توازن مع التهديد الذي يشكله جهاز المخابرات العامة.
لكن يمكن لتوازن القوى الحساس في السودان أن ينهار إذا تنافس الجيش وقوات الرد السريع على رجال جهاز المخابرات العامة، فضلا عن مصالح دائرة المخابرات العامة في القطاعات الاستراتيجية، مثل الذهب والوقود والقمح والأسلحة، وفقا لما أشارت إليه الصحيفة.
من جهته قال عرفان صديق، سفير بريطانيا بالسودان، إن أهم التحديات التي تواجه السودان تتمثل في السلام وبناء الاقتصاد، مؤكداً أن التحديات الاقتصادية بالسودان ضخمة، حيث يزيد معدل التضخم ويرتفع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني.
وكتب عرفان صديق تغريدة على تويتر: “تحقيق السلام وإعادة بناء الاقتصاد هما أهم تحديات السودان، محادثات السلام في جوبا مستمرة. لكن التحديات الاقتصادية لا تزال ضخمة، التضخم ومعدل الدولار تستمر في الارتفاع، من الواضح أنه لا يوجد حل مستدام بدون دعم وإصلاح سوق العملات”.
وقال عرفان صديق: “تبلغ الإعانات 36٪ من ميزانية 2020. فقط فكر فيما يمكن إنفاقه على الأموال إذا لم تعد الحكومة مدعومة بالوقود. رعاية صحية أفضل، المدارس، الطرق. المساعدة المباشرة الأسوء في المجتمع. المعارضة لإصلاح الدعم ليست مفيدة”.
وأضاف: “كما سيكون من الصعب حشد الدعم الدولي لاقتصاد السودان إذا لم تتم معالجة سياسة الدعم غير الفعالة (التي لا تستهدف أشد الفئات احتياجا). حان الوقت لبدء نقاش وطني حول من الذي يستفيد بالضبط من إصلاح الدعم ومن الذي يخسر”.
وتابع: “لدى الحكومة السودانية خطة لاستبدال الإعانات بالمساعدة النقدية المباشرة لمن هم في أشد الحاجة إليها، للتخفيف من الارتفاع الحتمي في الأسعار. يناقش المجتمع الدولي كيفية دعم هذا. الوقت للجميع لدعم الخطة. لا وقت لتسجيل النقاط السياسية”.