علي اليامي
… الماضي ليس مجرد أيام وسنوات ، ولكنه رحلة من الذكريات التي لا تموت بفعل الزمان وتبقى البصمات الطيبة نوراً لا ينظفئ في سجل حياة كل إنسان ..
… هنا في نجران رجال وضعوا نقوشاً على مر الزمان بسيرتهم العطرة، ومسيرتهم المشرفة فعاشوا اسماء في حياة الجميع ، و متى ذكر الخير كانوا عناوين بارزة له ، وحثما وجد الكرم والاخلاص والمروءة وجدتهم مثل الشموع تحترق من أجل أن تضئ الطريق للآخرين … وأحسب أن الشيخ الوالد هادي بن مانع بن هطيل آل منجم واحداً من هذه النماذج الطيبة التي ظلت وما زالت ترسم لوحات من الإنسانية، وتجسد معاني المحبة في أرقى معانيها بين أهله المقربين وقبيلته وجميع من عرفه في نجران وغيرها من الحواضر والبوادي.. بلا منازع أو تحيز أحسب أن الشيخ الوالد هادي بن بن مانع بن هطيل آل منجم علما من اعلام نجران منذ أن كان شاباً صغيراً حجز مكانه بين الذين يشار إليهم بالبنان في كل المحافل والمناسبات .. شخصية فريدة في كل شيئ، ورجل صاحب هيبة ومهابة ، وإنسان بدرجة الامتياز .. وإن أردت وصفه بدقة فإنك لا محالة ستجني الفشل…
.. منذ شبابه الباكرعرف الشيخ هادي بن هطيل بعلاقاته الاجتماعية الواسعة وأسفاره الكثيرة في كل أرجاء المملكةوالخليج العربي فأصبح معلماً بارزاً في نجران تماماً مثل المواقع التاريخية التي يشد الناس إليها الرحال حتى يستمتعوا بزيارتها… ومثلما كان ومازال الشيخ الوالد هادي بن هطيل رائعاً في علاقاته مع الآخرين فإن مظهره الشخصي ظل دائماً محل اعجاب واهتمام كل من عرفوه أو التقوا به ابتداء من الملابس المميزة التي يرتديها وتحزمه بالجنبية وعشقه للتراث الشعبي وقصص التسفار وأحاديث الرحلات التي لا تفارق مجلسه. أما إذا أردنا الحديث عن كرم الشيخ هادي بن مانع بن هطيل فهذا باب ربما لا تتسع له الصفحات وكل من عرفه أو سافر معه يعرف أنه كان دائما صاحب اليد الطولى في كل شيئ .. ينفق بغير حساب ولا يدخر شيئاً لغد ويجالس الآخرين بروح الحب والمودة فكان دائماً يدخل قلوب الجميع دون استئذان ، وما يزيده رفعة وحضوراً مميزاً تمسكه بحياة البداوة البسيطة دون تكلف أو تمايز عن رفاقه وصحبه رغم أنه قد اكتسب قدراً من المعارف والتجارب ما يجعله قمة في التحضر والرقي لذلك كان محل تقدير وترحيب لدى الصغير والكبير وإن دخل على مسؤول وجد كل الاحترام وإن تشفع لأحد كان محل استجابة . ومنذ أيام شبابه الأولى في سبعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا مازالت سيرة الشيخ هادي على كل لسان في الريف والحضر وما أن تمر على واحدة من مدن الجنوب أو في الرياض أو غيرها من مناطق المملكة وتعرف نفسك بآل منجم يبدأ الناس في سؤالك عن الشيخ هادي بن هطيل ثم لا ينفكوا يتحدثون عنه بالخير .. هكذا كسب الشيخ هادي قلوب الناس واحتكرحبهم في كل مراحل حياته فبات يمثل نموذجاً حياً للشخصية النجرانية المجبولة على الخصال الجميلة والتميز الأبدي.
.. ولم يعد الشيخ هادي بن هطيل آل منجم مجرد رجل عاش حياته مثل الآخرين بل هو علامة فارقة على جبين آل منجم وكل أهالي نجران ومن هنا ظل محط رحال كل المسؤولين الذين زاروا نجران منذ سنوات الثمانينات من القرن الماضي وكان مجلسه العامر ومازال ساحة للكرم والجود وحسن الضيافة والترحاب من جانب أبنائه واحفاده الذين تشربوا من هذا المعين الطيب معاني الحب والإنسانية والتواصل مع الآخرين ولم تبدل السنوات شيئاً من هذا الإرث العريق بل تزيده في كل يوم تماماً مثل الذهب لا يصدأ لكن يزداد ولع الناس به في أي زمان وكل مكان.
.. هذه كلمات خجولة في حق الشيخ الوالد هادي بن مانع بن هطيل آل منجم أعلم أنها أقل كثيراً من مقامه الرفيع وأقصر قامة من قدره العالي فهو الذي ظل ومازال حتى في شيخوخته محل فخر واعتزاز لنا جميعاً في نجران وغيرها ، ومآثره الطيبة وسيرته العطرة هي التي كانت ومازالت موضع دهشة لنا منذ أن كنا صغاراً وحتى هذه اللحظة وسيظل مثالاً يحتذى به شكلاً وموضوعاً فهو بحق وحقيقة نموذجاً فريداً لشخصية عظيمة ورجل نبيل تستحق حياته التوثيق والتسجيل.