جرسلي أليرت
.. نصيحة مني لا تترك كتاب المؤلف ولفريد كاوتس ( القتل في المدينة) داخل مطبخك أو على طاولة الشاي الخاصة بك ولا يستحسن أن تأخذ معك هذا الكتاب إلى الشاطئ . ولكن للقراء الذين لسبب أو لآخر يبحثون إستدعاء الذكريات عن الجريمة قبل قرن مضى من الزمان فإن هذا الكتاب الذي يحتوي على 150 صورة باللون الأبيض والأسود هي الاختيار المناسب على أن تكون بعد هذه كله معتاد على الدم أو متحصن بكتاب ( النظام والقانون ) ، ومع ذلك أنصحك بالتفكير مرة اخرى.
الكتب التي تم نشرها في هذا الكتاب تم العثور عليها أثناء عملية ترميم في أحد رئاسات مركز الشرطة في نيويورك حين كانت الصور يتم إلتقاطها بواسطة الهواة وكانت مهنة التصوير في بداياتها الأولى . مؤلف الكتاب السيد كوتي كان مصوراً، ومؤلفاً، ومنتجاً سينمائياً وهذا الكتاب أول إصدار له . والصور التي نشرها في هذا الكتاب تبدو كأنها مشاهد ومواقع تصوير سينمائي وكانت المقالات الرئيسية محل بحثه في سياق الجريمة تشبه إلى حد كبير المخطوطات الروائية حيث استطاعت هذه الصور أن تجسد التغيرات السريعة التي شهدتها المدينة مابين العامين 1910- 1920م والنمو السكاني بها الذي وصل إلى مليون نسمة في وقت كانت الأمة الأمريكية تخوض حرباً ضروساً إنعكس تأثيرها على مدينة نيويورك التي كان 900 ألف من قاطنيها في خدمة الجيش بينما يعمل 70 ألف منهم في أسطول بروكلين وشهدت هذه الفترة إقرار قانون سوليفان الخاص بترخيص الأسلحة من جانب المشرعين في نيويورك ، وفي ذات الوقت بدأت النيويورك صدورها لتصبح بعدها الصحيفة الأكثر انتشاراً في البلاد . وتوج هذا العقد من الزمان بقصف فوضوي على وول استريت أدى إلى مقتل 28 شخصاً بينما كانت ممفيس المدينة الأكثر خطورة في العام 1914م حيث يسقط 72 إنسان من بين كل 100 ألف نسمة فإن هذه النسبة كانت بمعدل واحد لكل أشخاص في نيويورك.
تمكن السيد كيوتي عبر مؤلفه تضمين صور مصاحبة للأسلحة المستخدمة حينها مع تعريف بلغة العصابات التي كانت سائدة حينها إضافة إلى الأدلة الأولية لتلك الجرائم مع مجموعة كبيرة لصور القهر غير المعتاد الذي يستحيل غض الطرف عنه . ومن خلال الفحص الدقيق يمكن للقارئ أن يتعرف على الطريقة التي كان يعيش بها سكان نيويورك وكيف كانوا يموتون زيادة على مشاهد عامة تمثل وثائق حقيقية للرعب وغياب الرحمة وكيف كان يعامل الناس بعضهم الآخر. ولعل المؤلف والطبيب والممثل جو باوش كان أكثر صدقاً في ووصف مهمة المصور حين أشار في إحدى المقالات المنشورة في الكتاب قائلاً ( إن عمل المصور أن يوثق بدقة وبلا رحمة ) أو كما قال السيد كيوتي نفسه : ) إن الصور المنشورة في هذا الكتاب تجسد المعركة بين الخير والشر).
