علي اليامي : دبي
شهدت اليمن أمس الإثنين الرابع عشر من ديسمبر 2017م حدثاً مفصلياً في غاية الأهمية تمثلت في النهاية (الدراماتيكية) للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على يد المليشيات الحوثية المدعومة من ايران بعد إعلان صالح فض الشراكة التي جمعته مع هذه المليشيات بعد إنقلابها على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا بقيادة عبد ربه منصور هادي والإستيلاء على العاصمة صنعاء. وبمقتل رئيس حزب المؤتمر الشعبي ورئيس الجمهورية اليمنية لأكثر من ثلاثة عقود تنطوي صفحة مهمة من التاريخ الحديث في هذا البلد.
بعيداً عن تفاصيل المسيرة السياسية المعقدة خلال السنوات الماضية فإن الرئيس الراحل علي عبد الله صالح شكل حلقة لا يمكن تجاوزها في تاريخ اليمن والمنطقة بأسرها حيث لعب الرجل أدواراً مهمة على الساحتين الداخلية والخارجية كان لها أكبر الأثر في الأوضاع الجارية اليوم.
السيرة والمسيرة
ولد علي عبد الله صالح لعائلة فقيرة في الحادي والعشرين من شهر مارس عام 1942م في بيت الأحمر بقرية سنحان القريبة من العاصمة صنعاء وفقد والده مبكراً ليتعهد به زوج والدته وبدأ حياته راعياً للغنم ثم التحق في عمر السادسة عشرة بالجيش والتحق بعدها بمدرسة الضباط في العام 1960 م وبعد قيام ثورة سبتمبر انضم صالح إلى القوات الجمهورية ثم التحق بمدرسة المدرعات في العام 1964م وتدرج في السلك العسكري حتى أصبح قائد تسليح المدرعات ثم قائد كتيبة إلى أن وصل إلى قيادة لواء تعز في العام 1973م. برز نجم صالح عقب الإنقلاب الأبيض الذي قاده إبراهيم الحمدي ضد الرئيس عبد الرحمن الأرياني وتم تعيينه قائداً للواء تعز . بعد مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي في ظروف غامضة تولى أحمد الغشمي رئاسة الجمهورية إلا أن الرئيس الجديد أغتيل بعد ثمانية أشهر من توليه منصبه ليخلفه عبد الكريم العرشي مؤقتاً مع مجلس للرئاسة كان علي صالح أحد أعضائه ثم أنتخبه هذا المجلس رئيساً للجمهورية بالإجماع في السابع عشر من يوليو عام 1978م وهو برتبة مقدم.
تحالف أبناء الأحمر
منذ بداية حكمه بدأ عبد الله صالح في تكوين حلف عسكري مع الزعيم القبلي الأبرز عبد الله بن حسين الأحمر وظل هذا الحلف قائماً حتى العام 2007م بعد وفاة الشيخ عبد الله الأحمر حيث تغيرت خارطة المواقف القبلية خاصة في شمال اليمن ليجد صالح وحدياً. بعد ثلاثة أشهر من توليه الحكم واجه محاولة إنقلاب فاشلة قادها مجموعة من العسكريين والسياسيين الناصريين ومنها عمل صالح على جمع الأطياف السياسية في اليمن ومن ضمنها تنظيم جماعة الأخوان المسلمين وتعامل كذلك مع الإضطرابات في جنوب اليمن والتي انتهت إلى الوحدة بين شمال وجنوب البلاد في العام 1990م .
نهاية لم تكتمل
وفي عام 1994م قام صالح بإقصاء شركائه من الحزب الإشتراكي الذي عمل معه في تحقيق الوحدة وقام بطرد قادة الحزب وأنفرد بالحكم ، ودخل لاحقاً في شراكة مع جماعة الإخوان المسلمين لكن سرعان ما اختلف معهم ليعود إلى حكم البلاد منفرداً . ومضى صالح بعدها الحاكم الأوحد لليمن شمالاً وجنوباً حتى إندلاع ثورة الشباب في نوفمبر عام 2011م والتي تنازل على إثرها من الحكم بعد وساطة خليجية ليخلفه نائبه عبد ربه منصور هادي الذي يمثل اليوم الحكومة الشرعية في اليمن بعد إنتخابه رئيساً من الشعب اليمني.
الإنتقام
رغم أن الرئيس الراحل علي عبد الله صالح خاض ستة حروب ضد جماعة الحوثيين في معاقلها بمحافظة صعدة كان آخرها في العام 2010م إلا أنه تحالف معهم في العام 2014م وقام بتسهيل مهمتم في الإستيلاء على صنعاء ودعمهم لمحاربة الحكومة الشرعية إلا أن ذلك لم يشفع له عند الخونة الإرهابيين الحوثيين الذين لم ينسوا لصالح قتل زعيمهم حسين الحوثي فكانت نهايته أول أمس الإثنين على يدهم بدعم إيراني بعد أن حاول الخروج عن مشروعهم وإعلانه فض شراكته معهم واستعداده للحوار وفتح صفحة جديدة مع دول الجوار ودعا منتسبي جزب المؤتمر الشعبي العام لمواجهة الحوثيين.
ماذا بعد صالح؟
ما زالت أجواء الترقب تسيطر على الأوضاع في اليمن بعد مقتل صالح ويرى كثير من المراقبين أن هذه الأوضاع أصبحت أكثر تعقيداً من السابق ويصعب التكهن بالقادم في ظل الإحتقان الأمني الشديد الذي تشهده البلاد حالياً فيما يرجح أخرون أن يفتح مقتل صالح الطريق أمام توحد اليمنيين لإنهاء سيطرة الحوثيين الإرهابيين على العاصمة صنعاء خاصة بعد ظهور نجم أحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس الراحل مدعوماً بقيادات عسكرية نافذة وإصرار قادة حزب المؤتمر الشعبي العام على مواجهة الحوثيين وكما يقول الدكتور عبد الرحيم سالم بأن الوضع في اليمن حالياً هو بركان يمكن أن ينفجر في أي وقت ما لم يقف الجميع مع الحكومة الشرعية لتخليص البلاد من براثن المليشيات الحوثية.