رمضان زيدان
تفعيلة أعجبتني هذه العبارة الرائعة التي عبر بها الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح عن إعجابه بتفعيلتي التي دوّنتها حديثاً (أنشودة الاباء) فمن هنا أسجل عظيم امتناني وتقديري للدكتور المشيقح الذي يتابع باهتمام لما اكتب فهو المثقف والمفكر والباحث والتربوي كيف لا وقد ظل عضواً لمجلس الشورى ثلاث دورات متتالية ومن ثم ترأس على مدار سنوات مجلس أمناء كليات القصيم الأهلية وحتى الآن وهي احدي المؤسسات التعليمية البارعة على مستوى المملكة العربية السعودية التي تخرج منها كوكبة من النابغين وقد تعلّم على يديه الكثير من أهل التميز والنبوغ ينهلون من وافر خبرته ورافد حصيلته الثقافية والعلمية التي تشكّلت ملامحها السوية من خلال تجارب شتى في مناحي الفكر البشري الرصين .
أنشودة الاباء
الخلد للموعود أيقون الخلاص
في درب الكفاح معراج الهدى
المجد للمنشود صنوان المِراس
من صال في شجاعةٍ يناهض العِدا
من كان إكسير الوثوب في وجه الردى
عند إشراق الصباح قد بدا الثائر المقدام
في مشهدٍ مهيبٍ يتوق أن يكحّل الأنظار بالفدا
في شمم السنام في علوٍ بالإباء ظل حيّا
في مواكب الخلود ساد مغواراً أبيّا
منحوتٌ اسمه على حائط البطولات
فأمعن الأباة والحماة
في الحارات في الساحات متقدو الحماس
منتظرين على الطرقات في شغفٍ وصوله
ليقوم في صمتٍ خطيبا فوق منبر الهبوب للحمى
فأبلغ الكلمات يحدوها الألم
تحدوها السياط التي تكوي الظهور
فاخرج العصفور
من قفص صدرك حُراً طليقاً
يطير بُكرةً على الغصون
داعياً مُعلماً وفارساً وناسكاً
إذا ما أرخى في الليل سدوله
ينادي صوتٌ من بعيد
فيجيب مضمون الصدى
وتدلّى في شموخٍ فوق أعواد الكرامة
وبه روح تبوح
لا تخشى الضيم ولا تخشى الملامة
لتستعيد من بعد السبات همةْ
الزنود كي تذود عن مكامن الخدور
عن شرف الرجال في ساح الوغى
يا تلة الجلجلة (بيلاطس)
قد رفع إلى مذبح الغفران
ما قد بدا لثلةٍ من الورى فوق الذرى قربان
فتسمرت يدان على لوح الخشب .. تنزفان
ريَّ هامات الحياة
فحينما ترفعوا رؤوسكم إليه
يهون كل شئ عليه
ويلمع في عينيه ومضٌ من سناه
ليطلق الزفرات حَرى تصرخ في المدى
الموت للشيطان الموت للشيطان
من سلّم الإنسان
معول الدمار ومقود العصيان والتمرد
وآلة الخسف الضرير التي يقودها
الشرير موروث الشرى
فيدوس ويغوص ويهدم كل ما طالت يداه
الثكنات على أفرادها على ربّانها الأمثل
والبيوت على سكانها
والمدارس على طلابها العُزّل
لم يفرق حينها بين مخلوقٍ وديع
بين طفلٍ لم يزل في مهده رضيع
أو بين جدّه الذي نحت الزمان على وجهه
العتيق مخطوط التعاقب للحِقب
هلّا علمت بما أُصيب من التعب
يلاحقه الصراع السرمدي
على الوجود على التواجد
في موضع قدم
كي لا يصير إلى ماضي انعدم
وعليه نقشٌ من تعاريج الملامح
وبطرف عيني كنت لامح
ما أصاب من التعدي والتردي والوهن
وما قد جدَّ على تلك المطارح
يا تلة الجلجلة
قد انشد العبيد للخلاص ترنيمة العبّاد
حينما اصطفوا حول المقصلة
مرددين أنشودة الإباء والشقاء والفناء
أنشودة في معانيها القصاص
فكيف صارت معضلة
فلا مناص لا مناص
من حتف المصير إذا بقي الضمير
وقالها الأبيُّ مرة فــ مرة
لتبقى يا ضمير حيًّ وظلاً على الغصن الندي
فلتبقى حيّ حتى وان طمروك في جوف الثرى
فاعلم أن وقدك في شرايين البسالة قد سرى
واعلم أن وعدك يبق بعدك صامدا
فتراه حُراً يستمد من الوجود الموردا