تقرير : محمد محمد نور
· استبشرت الأوساط السياسية والاقتصادية والاجتماعية خيراً بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي صدر الجمعة الماضية وقضى برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان بعد 20 عاماً من فرضها في العام 1997م . وأفرزت هذه العقوبات – حسب المهتمين – آثاراً سالبة على مجمل الأوضاع في هذا البلد الأفريقي الذي يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية وأمنية مستمرة. ويتوقع الخبراء – كما هو حال الشعب السوداني – أن يمثل هذا الإجراء الأمريكي خطوة مهمة على صعيد التنمية والاستثمار في السودان بعد سنوات طويلة من العزلة السياسية والاقتصادية مع أغلب الدول الغربية.
ديباجة
جاءت العقوبات الأمريكية ضد السودان في العام 1997م نتيجة مخاوف الولايات المتحدة من تورط السودان في أعمال إرهابية ثم تطورت هذه العقوبات في العام 2006م على خلفية الصراع الدموي في إقليم درافور. وقبيل مغادرة الرئيس السابق باراك أوباما البيت الأبيض قررت الإدراة الأمريكية التخفيف من حدة هذه العقوبات في مجالات محددة مشترطة مسارات محددة للحكومة السودانية واجبة التنفيذ حتى يتسنى رفع هذه العقوبات بصورة كاملة؛ إلا أن إدارة ترمب الجديدة أرجأت هذا الأمر إلى شهر أكتوبر الحالي بعد تفاهمات وإتصالات معقدة بين الجانبين وتدخل أطراف عربية من بينها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن.
دوافع وأسباب
عزا مسؤولون أمريكيون الخطوة التي إتخذتها إدارة ترمب برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان إلى ما وصفوه بالتقدم الذي أحرزته حكومة الرئيس البشير فيما يخص ملف مكافحة الإرهاب ومسألة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحرب، والتعاون الإيجابي الذي أظهرته الخرطوم في محاولات إعادة الاستقرار إلى دولة جنوب السودان بجانب إبتعاد السودان عن المحور الإيراني، ، زيادة على الضغوطات التي مارستها عدد من الشركات الأمريكية على الإدراة الحالية طالبت فيها برفع هذه العقوبات، إضافة إلى قناعة واشنطن بأن سياسة العقوبات وحدها لن تؤدي إلى تحقيق أهدافها في هذه المنطقة الملتهبة بالصراعات ، كما يقول الدبلوماسي الأمريكي السابق زاك فيرتين (منذ فترة طويلة جدًا، عززت واشنطن سياسة العقاب فقط، وقد فشلت منذ عقدين ويوافق الجميع على أن التغيير ضروري(.
مؤشرات إيجابية
قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن الحكومة السودانية من شأنه أن يسمح للبنوك الدولية بعملية التحويلات من وإلى السودان مثلما يمكن المواطنين والشركات الأمريكية من إجراء التعاملات التجارية والمالية مع نظرائهم في السودان دون تعقيدات ، كما أن هذا الإجراء سوف يجعل المواطنين الأمريكيين قادرين على استئناف عمليات التصدير والاستيراد من السودان والعمل في مجالات الصناعات المختلفة خاصة النفطية والبتروكيماوية وتقديم خدمات الحقول وغيرها من الاستثمارات الصناعية والزراعية. وزير الدولة بوزارة الاستثمار السودانية أسامة فيصل قال إن شركات أمريكية كثيرة أبدت رغبتها في دخول الأسواق السودانية بعد رفع العقوبات الاقتصادية، فيما أشار محافظ بنك السودان المركزي حازم عبدالقادر إلى أن رفع الحظر الاقتصادي سوف يسهل المعاملات المصرفية مع العالم الخارجي وهذا بدوره يشجع على انسياب الاستثمارات الأجنبية ويساعد على تخفيض تكلفة التمويل مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوداني عموماً. من جهتها رحبت وزارة الصناعة السودانية بقرار رفع الحظر وتوقعت عودة مئات المصانع المتوقفة إلى العمل والإنتاج بعد هذا القرار وقال وزير الدولة بوزارة الصناعة إن رفع العقوبات سوف يعيد الحياة إلى عدد كبير من المصانع التي كانت تستخدم التقانة الأمريكية قبل فرض الحظر في العام 1997م. وفي السياق نفسه أوضح رئيس اتحاد المصارف السودانية مساعد محمد أحمد بأن المصارف السودانية مستعدة لمقابلة استحقاقات المرحلة القادمة بعد رفع هذه العقوبات، وقال إن هذه المصارف جاهزة لاستئناف التعاملات الخارجية ومواكبة المعايير والمتطلبات الدولية في هذا المجال وفق آليات محددة لتفادي المخاطر والتسريبات ومحاربة غسيل الأموال والممارسات الخاطئة مؤكداً على أن رفع الحظر سوف ينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوداني فيما يلي سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وهذا بدوره يؤدي إلى إنخفاض معدلات التضخم وأسعار السلع الاستهلاكية.
استثمار
توقع عدد من الخبراء أن يفتح رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان الباب واسعاً أمام الاستثمارات العربية والأجنبية في شتى المجالات لا سيما القطاع الزراعي وأن هذه الخطوة سوف تساهم في تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية وغزو السلع السودانية للأسواق العالمية وأشاروا إلى أن هذه الاستثمارات سوف تتركز في قطاعات الزراعة والصناعة والطيران وتعدين الذهب والمعادن الأخرى.