الشارقة : وام
شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وبحضور سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد نائب وحاكم الشارقة الجلسة الافتتاحية لفعاليات الدورة السابعة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي التي أقيمت صباح اليوم تحت عنوان “الحكومات والقطاع الخاص.. ماهيتها وطبيعة الأدوار المناطة بها في عصر المجتمع الرقمي” في مركز إكسبو الشارقة.
شارك في الجلسة معالي مصطفى الخلفي الوزير المنتدب والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية وشون سبايسر المتحدث السابق باسم البيت الأبيض ونجيب ساويرس الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم تيليكوم القابضة في مصر وأدارها الإعلامي محمد حسن خلف مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام.
وتناولت الجلسة عدة تساؤلات حول مدى خطورة الشركات العاملة في مجال بيع المعلومات وحساسية العلاقة بين القطاعين الحكومي والخاص وتأثير التحول الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي على المتغيرات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية في بلدان العالم.
وأكد شون سبايسر أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها قطاع خاص كبير وضخم يقود حراك التكنولوجيا ويقدمها ليس على المستوى المحلي وحسب وإنما على المستوى العالمي أيضاً مضيفاً أن ما تحتاجه الحكومات في التعامل مع القطاع الخاص هو تحقيق التوازن على مختلف المستويات، الأخلاقية، والأمنية والاقتصادية .. مشيراً إلى أن المستخدمين الذين ينشؤون حسابات جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي يوافقون على شروط كثيرة من دون قراءتها وهذه الشروط تمنح الشركات الخاصة حق التصرف والاستفادة من معلوماتهم الشخصية ومعلومات أصدقائهم وعائلاتهم.
وأوضح سبايسر أن رؤية الحكومات في حماية المعلومات تبدو صحيحة خاصة إذا ما تم النظر إلى الموضوع من واقع أن المؤسسات الخاصة تملك حرية التصرف في هذه المعلومات لافتاً إلى أن هذه المخاوف التي تملكها الحكومات لا يجب أن تتحول إلى سلطة رقابة وحجب وإنما يجب إيجاد حلول متوازنة، والاعتماد على الشفافية في التعامل بين القطاع الحكومي والجمهور.
واعتبر شون سبايسر أن التعامل مع الجمهور يضع الحكومات أمام جملة من التحديات أهمها أن الجماهير ترى في تدخل الحكومات فرضاً لنظام وحجباً لمعلومات وتراجعاً لمستوى الحريات، الأمر الذي يحتم على الحكومات انتهاج سياسة الشفافية في تعاملها مع الجمهور.
بدوره أكد نجيب ساويرس أن القطاع الخاص ينظر إلى التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي نظرة ربحية وغرضه منها تحقيق المكاسب في الوقت الذي ينظر القطاع الحكومي إلى هذا التحوّل الرقمي بوصفه خروجاً عن السيطرة، لافتاً إلى أن الحكومات كانت في زمن التلفزيون قادرة على ضبط المعلومات وتقنينها فيما هي اليوم غير قادرة على فرض سيطرتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشدد ساويرس على ضرورة وجود منظم محايد لضبط آلية تعامل القطاع الخاص مع الجمهور وفي الوقت نفسه الالتزام بمعايير ومحددات تكفل عدم التلاعب بالمعلومات وتضمن حمايتها مشيراً إلى أن المنظم يمكن أن يكون لجنة تضم مؤسسات مجتمع مدني مع ممثلين عن القطاع الخاص إلى جانب ممثلي القطاع الحكومي.
وقال نجيب ساويرس إن الكثير من الحكومات لم تستثمر المعلومات التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي وما تقدمه تطبيقات العصر الرقمي في الوقت الذي نجح القطاع الخاص في تحويلها إلى فرصة لتحقيق مكاسبه ..
معتبراً أن ضبط العلاقة بين الجمهور والقطاع الخاص والحكومي تحتاج إلى ثلاثة محاور رئيسية هي: إنتاج منظومة أخلاقية وتحقيق التعاطي الفعال مع التواصل الاجتماعي وإيجاد جهة أو مؤسسة يمكن أن تتحمل دور المنظم.
من جانبه أجاب مصطفى الخلفي على تساؤل: كيف يمكن التعامل مع خطر تحول كل مستخدم للوسائل الذكية والرقمية إلى إعلامي وصانع للمعلومة؟ بالقول أن الثورة الرقمية فرصةٌ وتحدٍ في الوقت نفسه فعندما تغيب الحكومات والمجتمع المدني نكون إزاء مشكلات كبيرة لذلك ينبغي بناء علاقة تكاملية بين الحكومات والقطاع الخاص حيث يبقى الأمن الرقمي والسياسة الرقمية وحماية المعطيات الشخصية مسؤولية حكومية ولا يمكن للقطاع الخاص التعامل معها .
ونبّه الخلفي إلى أهمية أن تظل الحكومات مواكبة لما يجري على صعيد التكنولوجيا والتطبيقات الذكية مؤكداً أنه في حال غياب القطاع الحكومي عن هذا التحول لن تتمكن من إنتاج خطاب مضاد لما توظفه بعض الجهات والجماعات من أفكار متطرفة وإرهابية وستتولى هذه الجهات تقديم صور عن الحكومات بما يخدم مصالحها.
وعرض الخلفي تجربة المملكة المغربية في توظيفها للمنصات الإلكترونية وإشراك المواطن المغربي في صنع القرار موضحا ان المملكة المغربية كانت تحتل المرتبة 117 عالمياً على مستوى إشراك المواطن في صناعة القرار الوطني وخلال عشرة أعوا باتت تحتل المرتبة 17 بعد أن استحدثت منصات للتواصل مع الجمهور وباتت تستمع لرأي الشارع المغربي في القرارات الحكومية وتجيب على تساؤلاته كما استحدثت ما يعرف بـ”المحكمة الرقمية” ونظام الشكاوى وغيرها من الحلول.
وأكد مصطفى الخلفي أنه لا يمكن الوصول إلى الشباب من دون التواصل معهم على مواقع التواصل الاجتماعي حيث لم تعد المجتمعات تتابع قنوات الاتصال التقليدية وإنما باتت تتابع كل ما يجري في العالم على مواقع التواصل الاجتماعي مشدداً على ضرورة تعزيز الواقع الرقمي عبر الدراسات وتبني الأفكار المعاصرة وتمكينه في العملية التعليمية.
كما حضر صاحب السمو حاكم الشارقة الخطابات التفاعلية الخمسة التي تلت الجلسة الافتتاحية حيث تناولت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة دور القيادات الشابة في حكومات المستقبل فيما عرض السير تيموثي جون بيرنرز لي مخترع الإنترنت ورئيس معهد البيانات المفتوحة وجهة نظره حول “مستقبل البيانات المفتوحة”.
كما تحدث تانمي باكشي أصغر خبير ذكاء اصطناعي في العالم وعضو فريق “آي بي إم” للذكاء الاصطناعي عن التحديات والفرص الكامنة في الذكاء الاصطناعي كمفتاح لمستقبل الاتصال الحكومي.
وتطرق خليفة حسن الشامسي الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والحوكمة لمجموعة اتصالات في الخطاب التفاعلي الرابع إلى موضوع “قطاع الاتصالات ودعم حكومات المستقبل” بينما تحدث سايمون آنهولت مستشار السياسات ومؤسس مؤشرات “الدول الجيدة والبلد الجيد والعلامات التجارية للدول” عن أفضل ممارسات التواصل في سبيل “الدولة الجيدة”.