الجودة : حسين الشاعر
في رحاب مكتبة المشيقح
في يومٍ ربيعيٍ مشمسٍ داعبت فيه نسمات الصباح المشرق أوراق الاشجار في ساحة البيت المشيقحي المنيف وقد شرفت حينها بزيارة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح فاستقبلني الرجل بترحاب وكرم مشيقحيٍ موروثٍ كابر عن كابر قد دونته شواهد الحياة واخذني في جولة داخل مكتبته العتيقة التي رأيتها كمحراب علمٍ تحفك السكينة بين جنباتها لما فيها من أمهات الكتب والمجلدات والمعاجم المدونة بلغات عدة وقد أضفت علي المكان جلال مهيب ورحت أتفحص الارفف والكتب العتيقة التي من بينها ما يربو عمره العلمي على المائة عام ما بين بولاق مصر واستانة الاتراك وبلاد الشام وقد راحت تبعث من بين صفحاتها عبق الماضي شكلا وموضوعا ولاح من فوق هامة الارفف السامقة كتاب (عبقرية عمر) وما أدراك ما عمر حيث تتزاحم الشخصيات التاريخية في رحابها وقد أسهب الدكتور المشيقح بحديثه العذب عن تاريخ الكتاب وصاحبه ، عن عدله وورعه وشعوره القوي برعيته فداعب بيانه وتبيانه مداد أفكاري فجاد القريض بقصيدة …
الفاروق
للشـرع عـدلٌ أكـدا
أمنـاً يصـوغ المشـهدا
غمر السباتُ عيونه
والجنب لامس مرقدا
ورسـول قيصر شاهدٌ
قبساً يُنيرُ وفرقـدا
حكم الأمير فما طغى
بين الجميع تحيّـدا
أُسسٌ أقــام لأجلـها
عزمَ الأبـاة وشيّدا
مجداً هناك بحقبةٍ
غرّاء تورف سؤددا
ربُ الإمـــارة سيدي
عـمرٌ أفـاء وانجدا
رسمت خطاه معالماً
مُثلاً تفرّع موردا
حمل الدقيق لأسرةٍ
دهماء ترقب مُنجدا
حـقٌ تعالى هامـةً
عـدلٌ يحـرر أسـودا
لا فـرق يرسخ عنده
كلٌ سواسي وحّدا
فهو الأبيُّ ريـادةً
وهو الجسور تفــرُّدا
وهو الأريبُ بحكمةٍ
ردعت صناديد العِدا
وهو المشيّد دولةً
عظمت وصارت مقودا
وهــو المقيم عدالةً
بلغت مآثرها المدى
وهو المُـربي زمـرةً
صارت شهاباً مُفردا
ولمن تغــشُ حليبها
بنتٌ تراقب واجدا
تبقى مهـابةُ ربها
روحاً ترفرف بالهـدى
تبقـى دوافــع دينــها
نبضـاً يغـرّد مـــوردا
يبقى التـدين عنـدها
عِبـرٌ تُقـوّم مفـسـدا
زوجٌ لعــاصم قــرة
خُلـق الإبـاء تجـسّدا
مـلأ الحياة عــدالةً
جعل الحقوق فرائضا
ركــب المطية ثائـراً
ملك الزمـام وجاهـدا
رفــع الهُمامُ عقيدةً
هـزّت يـداه مـهنــدا
دفع الحشود إلى الفدى
جعل القلوب روافدا
صهوات خيل جيوشه
بلغت خطاها المقصدا
حتى تضـئ مشاعـلاً
وجـه الخــلائـق وَرّدا
للــزهد نبعٌ شامخٌ
يشـدو الجنــان وغــرّدا
هي دولة العدل التي
شهدت نبوغا أمجدا
هي دولة الخير التي
كتبت تاريخا سرمدا
عمرٌ يــصـوغ حضارةً
قـامت هناك لتشهدا
بين المدائن فارسٌ
ضربت قواهُ المفسدا
يبقى بقلـب رعية
فكراً يصــوغ المشهـدا
صدق الأميرُ سُراقةً
لبس الأساور عسجدا
حظي الريادة سامقاً
لقي الشهادة ساجدا
*******
رمضان زيدان
zidaneramadan@gmail.com