علي اليامي
على امتداد مسيرتها الطويلة في الماضي والحاضر شهدت الساحة الإعلامية بالمملكة رموزاً صحفية أصبحت علامات مميزة في سجل الأداء المهني ، والإلتزام الوطني على صعيد الكلمة الصادقة والطرح الموضوعي والفكر الناضج في جميع الأحوال والظروف ، ومن هنا سطعت نجوم ، وبرزت اسماء استحقت تقدير القراء واحترام الجميع … نعم إنها أقلام عرف أصحابها قدر الكلمة فتحملوا مسؤوليتها وأدوا رسالتها وفق معايير الصدق ، والاخلاص المهني المتجرد من الأغراض الشخصية والمنفتح على كل فئات المجتمع فجاء عطاؤهم وفيراً ،وكان تأثيرهم بلا حدود . ولعلي لا أكون قد أتيت جديداً إن قلت أن الأستاذ القامة والصحافي النادر قينان الغامدي يقف على رأس قائمة تلك الكوكبة المتألقة على المشهد الإعلامي في مملكتنا الحبيبة ، فهو علم لا يحتاج إلى تعريف ، وقلم ينضح عشقاً بحب الوطن ، وينساب صدقاً في خدمة المواطن ومناصرة الحق وتحري الصدق .
طيلة معرفتي بالرجل من خلال العمل بالوطن والشرق أدركت أن منهجه الصحفي مبني على الألتزام بالمهنية وتقديم مصلحة الوطن على كل شيئ ومن هذا المبدأ كان ومازال يقف دائماً ضد الطائفية والنظرة الضيقة ويدعو إلى التمسك بالوطنية الحقة البعيدة عن المزايدات وفوق هذا فهو محارب قوي ضد الفساد أينما وجد ولا يهمه في ذلك كبير أو صغير ، و وسيلته إلى ذلك العمل الجماعي من خلال الفريق الواحد والمنسجم في كل شيئ . أما تعامله مع فريق العمل بالصحيفة فهو مدرسة قائمة بذاتها ويظهر ذلك عبر تمسكه باسلوب الحوار والرأي الآخر ومن هنا أحبه كل من عمل معه لأنه يتيح الفرصة للشباب ويشجع أفكارهم ولا ينتظر الأحداث بل يستبقها بالتحليل الواقعي والنظرة الثاقبة ليصل إلى النتائج المطلوبة ، حقاً إنه مدرسة صحفية متفردة ركيزتها وطنية حقة قائمة على إدراك واسع لمجريات الأمور ومعرفة منهجية في التعاطي مع المتغيرات ومن هنا كان تميزة بين الآخرين في ميدان العمل الصحفي والإعلامي عموماً .
… و هذا الرجل أينما وضع كان رقماً صعباً يصعب تجاوزه فقد عرفه الجميع بقدراته المهنية المميزة ، وسعيه المستدام نحو التطوير والتجويد ، وعزوفه التام عن المصالح الشخصية الضيقه ، وفوق هذا وذاك فقد ظل قينان في كل المواقع التي تسنمها مثالاً حياً للتجرد ، ونموذجاً باهراً لصدق التوجه الوطني ، ومنذ أن عرفه بلاط صاحبة الجلالة في ثمانينات القرن الماضي بصحيفتي عكاظ والبلاد ظل قينان الغامدي يقدم هذا النموذج الراقي في ميدان الكلمة الصادقة والطرح البناء مسخراً كل خبراته الميدانية وقدراته المهنية في سبيل هذه المهنة التي أحبها فكان دائماً عند الموعد . وحين تولى رئاسة تحرير صحيفة ( الوطن ) كسر حاجز العزلة المهنية داخل مضمار الصحافة السعودية مقدماً اسلوباً مختلفاً في صناعة الكلمة وإدارة المجاميع الصحفية لخدمة الرسالة الإعلامية وظلت بصماته باقية حتى اليوم ، وعندما رشح ليكون رئيسا لتحرير صحيفة ( الشرق ) الصحيفة الوليدة ذلك الوقت في عهد الملك الراحل المغفور له عبد الله بن عبد العزيز- رحمه الله – طرح قينان – كعادته – رؤية متقدمة على صعيد العمل الصحفي تحدى من خلالها موجة الإعلام الرقمي المتنامي وقتها مستعيناً بمجموعة ذهبية من الشباب المحترف فكان النتيجة مخرجات صحفية عالية المستوى نالت احترام القراء واعجاب المتابعين. واستطاع قينان بمهنيته العالية ، وأسلوبه الجرئ في تلك الفترة ارغام المتابع على التفكير مراراً وتكراراً قبل توجيه رد للموضوعات والأخبار التي تتناولها الصحيفة ، واصلت الصحيفة تقديم خدماتها على كل المستويات فكانت مرآة صادقة لكل قضايا المجتمع حيث وضعت في اعتبارها عدم اهمال أي مادة تهم المواطن مهما كان موقع هذا المواطن ، أن قينان الغامدي صحفي من الطراز الأول قبل أن يكون رئيساً للتحرير . إنه قينان الذي ظل ومازال يمثل وجهاً مشرقاً للصحافة السعودية في كل المواقع التي شغلها متحصناً بمساحة الحرية المتاحة في هذا البلد الطيب وقد تخرج على يديه ارتال من الصحفيين الذين انتشروا في الصحف المختلفة يحملون معهم بصمات هذا الرجل أينما ذهبوا ،وحين انتهت فترة عمله الثرة بصحيفة الشرق وقف العاملين في دوامة عنوانها الحزن فما كان منه إلا أن قال لهم : ( إن كنتم تحبون قينان فواصلوا العطاء من أجل الوطن والمواطن )…
.. هذا مجرد قيض من فيض ، وقليل من كثير في حق هذا الصحفي المطبوع ، والمهني الفذ ، والإنسان الراقي قينان الغامدي الذي اعتبره وبلا منازع رقماً صحفياً لا يمكن تجاوزه ليس في ممكلكتنا الحبيبة وحسب، بل في جميع أرجاء الوطن العربي الكبير ، إنه صحفي من ذهب لا تزيده السنوات إلا قوة وشموخ
1 تعليق
سالم
فعلا قينان صحفي يستحق الاحترام
ونتمنى ان نراه على راس الهرم في احدى المنابر الاعلامية فهو مكسب لاعلام الوطن