علي اليامي
..طيلة عملي في المجال الصحفي عايشت احداثا مازالت بصمتها مطبوعة في ذاكراتي استدعيها بين الحين والآخر وانا أقلب صفحات من تاريخ الصحافة السعودية العريض وفي هذا الفضاء الكبير هناك نجوم سطعت وأضاءت مساحات الفكر وتوسدت مقامات رفيعة في خدمة الكلمة الصادقة فكانت مثل الشجرة الطيبة يحين قطوفها في كل حين.. من بين هذه النجوم أستاذي ومعلم الأجيال وفارس الكلمة بلا منازع (قينان الغامدي) .. لا أحسب نفسي مؤهلا للحديث عن هذا الرقم الضخم في سجل الصحافة السعودية ولكن يشفع لي أني من الذين تشرفوا بالعمل مع هذا الرجل كما أن حديث الإعلامي والدبلوماسي تركي الدخيل عن الغامدي قبل ايام بصحيفة عكاظ أعاد إلى ذاكرتي أيام لا يمكن أن تنسى من ذاكرتي الصحفية … أيام حافلة بالبذل والعطاء الوطني الخالص تمثلت في تجربة تأسيس قينان الغامدي لصحيفة الشرق وتشرفت حينها بتأسيس وإدارة مكتب الصحيفة بمنطقة القصيم .. نعم كان الغامدي محرك لا يكف عن الدوران يتابع الأحداث ويهتم بالتفاصيل ، ويدير شبكة المراسلين والصحفيين بصورة لا تعرف التعب أو المستحيل.. يتعامل مع الجميع دون أن يشعروا بالفوارق المهنية والوظيفية .. يدفعهم إلى تقديم أقصى ما لديهم ويحفز الإبداع بداخلهم. . وما زلت أذكر حالة الترقب التي سبقت صدور للعدد الأول من صحيفة الشرق وانتظار القراء لمطالعة مقال رئيس التحرير قينان الغامدي الذي جعل من الشرق منبرا معتمدا لخدمة قضايا الوطن والمواطن دون تمييز أو محاباه لشريحة من المجتمع مبتعدا عن المجاملات وصحافة العلاقات العامة .. كان الغامدي لا يخش في الحق لومة لائم ولا يجامل في الواجب ويحترم القانون في كل خطوة يخطوها وحين تشتكي جهة أو فرد من خبر أو تقرير يقول بكل بساطة الدولة أنشأت وزارة إعلام ولجنة مخالفات صحفية فعلى كل متضرر أن يلجأ لهذه الجهات.
.. ولا يمكن أن اتحدث عن قينان الصحفي استدعي خبر اصدار العفو من الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عن سجين نجران هادي آل مطيف بعد عشرين عاما قضاها في الحبس واصبح سجنه قضية رأي عام .. أذكر أنني هاتفت حينها قينان الغامدي ابلغه بخبر اطلاق سراح المطيف فسألني عن مصدر الخبر فقلت له للأمير مشعل بن عبد الله الذي اتصل بي من موقع اقامته في باريس ليخص الشرق بهذا السبق الصحفي فما كان من قينان إلا أن يضع يجعل من هذا العفو الملكي خبر رئيسي على صدر الشرق في اليوم التالي وكان بالفعل سبقا صحفيا مميزا في ذلك الوقت ومن يومها ظل قينان يفسح مساحات كبيرة لتصريحات الأمير مشعل ونجران بصورة عامة.
.. قينان الغامدي لم يكن مجرد رئيس تحرير بل كان معلما وعلما صحفيا في إدارته لمجاميع الصحفيين العاملين معه وصاحب مدرسة خاصة في التعامل مع الخبر والمقال والقصة الخبرية ومازالت ملامحة الصحفية تنتقل من جيل إلى جيل رغم ابتعاده عن ساحة العمل الصحفي والحديث عن بصماته في الإعلام السعودي مهمة صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة .. حياك الله استاذي قينان الغامدي اينما كنت وفي كل آن وحين.