تهاني الحميري :دبي
كحالها مع كثير من الأنشطة الاجتماعية والسياسية ما زالت المرأة العربية تواجه صعوبات جمة تقيد فرص ممارستها للرياضة بصورة عامة ولعبة كرة القدم على وجه التحديد ، وما زالت الفتاة العربية تجد نفسها أمام عدد من الحواجز إذا قررت ممارسة لعبة رياضية معينة ناهيك عن احترافها فهي إذا تغلبت على رفض الأهل فلن تسلم من نظرة التهكم والسخرية من جانب المجتمع . ورغم المساحات التي التي توفرها بعض الدول العربية للمرأة من أجل ممارسة الرياضة إلا أن المتحقق في هذا المجال مازال يبتعد كثيراً عن مستوى الطموح مقارنة بما وصل إليه العالم في هذا الميدان .
مشهد عام
مع بداية سبعينات القرن الماضي بدأت كثير من دول العالم تعترف بالمنافسات النسائية في ميدان كرة القدم ، وفي العام 1986م أعلن الإتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا ) خلال مؤتمره بمكسيكو سيتي عن تنظيم كأس العالم للكرة النسائية وأقيم أول مونديال عالمي نسائي لكرة القدم في الصين عام 1991م وفازت الولايات المتحدة بالكأس حينها وأصبحت المنافسة تنظم من بعدها كل أربع سنوات أسوة بكأس العالم الرجالي في كرة القدم .
..عربياُ شجعت عدد من الدول تنظيم دوري نشائي لكرة القدم فشهدت اللعبة انتشاراً نسبياُ داخل بعض الأندية في الوطن العربي مثل : مصر ، وسوريا ، وتونس ، والبحرين ، والكويت ، والإمارات ، والأردن . وفي دولة قطر انشئت في العام 2000 لجنة خاصة برياضة المرأة وتبع ذلك افتتاح عدد من المراكز الرياضية لاكتشاف المواهب وصقلها للمشاركات الخارجية . شهد العام 2004م تشكيل أول منتخب عربي لكرة القدم النسائية بقيادة الأميرة هيا بنت الحسين وضم المنتخب لاعبات من المغرب ، والجزائر ، ومصر، وفلسطين وليبيا ، ولبنان. وفي عام 2006 دعا الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا) الاتحادات العربية لكرة القدم إلى ضرورة تشكيل فرق كروية نسوية، وجعل ذلك شرطاً لاستمرار الدعم المالي الذي يخصصه لهذه الاتحادات مما دفع بعض الدول العربية إلى تشكيل فرق رياضية نسائية ، وجرى بعدها تنظيم أول بطولة عربية نسوية في كرة القدم ضمت منتخبات سلطنة عمان ، والبحرين ، والعراق ، ولبنان ، وسوريا وفلسطين.
حالة خاصة
شكلت دولة فلسطين حالة خاصة بين الدول العربية جميعاً في ميدان كرة القدم النسائية حيث ترجع بداية ممارسة المرأة لهذه الرياضة هناك إلى ستينات القرن الماضي واستطاعت الفرق النسائية الفلسطينية تحقيق انجازات كبيرة خلال السنوات الأخيرة توج بتنظيم أول بطولة في العام 2011م باستاد فيصل الحسيني بمدينة رام الله سجلت حضوراً جماهيرياً وصل إلى 12 ألف متفرج . وتستعد فلسطين حالياً لاستضافة تصفيات المجموعة الثالثة من كأس آسيا للسيدات التي تنطلق في الفترة من 3- 7 من شهر أبريل القادم . أمين عام الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم عمر أبو حاشية أوضح أهمية الدور الذي تلعبه المرأة بتمثيل فلسطين داخل البطولات الداخلية والخارجية، مشدداً على ضرورة تعاون الأندية مع الاتحاد من خلال حث اللاعبات على الالتزام بتدريبات المنتخب، من أجل ظهور فلسطين بصورة مشرقة وقادرة على استضافة البطولات رغم التحديات والظروف القاهرة .
مؤشر ايجابي
خطوة مشجعة اعلنتها جامعة الإمارات مؤخراً بقبول أول دفعة من الطالبات بقسم التربية الرياضية اعتباراً من العام الدراسي المقبل حيث كان هذا التخصص مقتصراً على الطلاب منذ انشاء الجامعة في العام 1976م ، وقد استوفى التخصص الاعتماد الأكاديمي من وزارة التعليم العالي ومنظمة واسك للتصنيف الأكاديمي العالمي، وأشار الدكتور عبد السلام الزعابي، رئيس قسم التربية الرياضية، إلى أن القسم تلقى دعماً مباشراً من أكاديمية الشيخة فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية، بتقديم 20 منحة دراسية للطالبات الراغبات في الالتحاق بهذا التخصص و تمنح الطالبة مكافأة شهرية قدرها 3 آلاف درهم كل شهر طيلة فترة الدراسة المقررة، مؤكداً أن القسم وفر كافة المتطلبات الاكاديمية والأجهزة التدريبية والقاعات والملاعب والصالات لاستقبال الطالبات .
جدل ومبادرات
على الرغم من التقدم النسبي الذي شهدته بعض الدول العربية في مجال كرة القدم النسوية إلا أن الوضع في المملكة العربية السعودية مازال يواجه صعوبات وتحديات أمام الفتيات لممارسة الرياضة عموماً وكرة القدم على وجه الخصوص ويتراوح الجدل بين نظرة المجتمع والضوابط الشرعية ، ومع ذلك بادرت عدد من السيدات إلى تشكيل فرق نسائية لكرة السلة والطائرة والفروسية بدعم وتشجيع من بعض الكليات الجامعية وبعض من رجال الأعمال ولابد من الإشارة إلى مجهودات ومبادرات بعض الفتيات بمدينة جدة والمنطقة الشرقية لتشكيل فرق كرة لكرة السلة والطائرة نسائية بهدف الوصول إلى منتخب سعودي نسائي متكامل . ويعد فريق ( جدة يونيتد ) أول فريق نسائي لكرة السلة في المملكة وقد سبق له التباري مع فرق نسوية غير سعودية كما شارك أول في أول دوري نسائي لكرة السلة بالمملكة عام 2008م الإ أن هذه المحاولات الخجولة مازالت في حدود ضيقة جداً ولا تحظى بالصفة الرسمية . وتفرض الأندية النسائية السعودية ضوابط مشددة على الراغبات في الانضمام إليها على رأسها موافقة ولي الامر بجانب رسوم محددة نظير الاشتراك وممارسة النشاط الرياضي .
.. عدد من المختصات في المجال الرياضي في السعودية طالبن بضرورة انشاء ملاعب مغلقة للنساء لممارسة هواياتهن الرياضية المختلفة ، واشتكى كثير من ممارسات الرياضة في المملكة من ما وصفنه بالاستغلال من اصحاب الصالات الرياضية الخاصة بفرضهم لرسوم مضاعفة على الفتيات مقارنة بالرسوم التي يدفعها الشباب من الذكور .
ليس بعد !
… هكذا يبدو مشهد الرياضة النسائية في البلدان العربية ولا سيما كرة القدم تخيم عليه السلبية الاجتماعية بجانب غياب دعم الجهات الرسمية التي تعتبر أن ممارسة المرأة للرياضة لم يتجاوز مرحلة الهواية حتى هذه اللحظة وليست مؤهلة لاستقطاب اهتمام محبي الرياضة لتوفير إيرادات تغطي مصروفات الرياضة النسائية .