علي اليامي : دبي
.. كلما حاولت الكتابة عن الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز شعرت أن المهمة محفوفة بالمستحيل ، والمحاولة رهينة الفشل، وأن القلم يجف مداده، والأفكار تتوارى عجزاً في حضرة هذا الرجل القامة، والرمز الوطني الأصيل ، والنموذج الإنساني الباهر.. نعم هكذا تتجاذبني المخاوف وتنتابني الهواجس خشية أن أقع فريسة للتقصير.. وبالفعل دائماً يبقى الأمير مشعل فوق الكلمات وتظل سيرته ومسيرته أكبر من قدرة البيان والعبارات. ومع هذا وذاك لابد لنا أن نحاول في كل مرة إدراك نذر يسير من جوانب حياة وشخصية وأعمال هذا الرجل الذي لا يمكن أن نفيه حقه مهما كانت براعتنا في الوصف والتعبير.
… مشعل بن عبد الله ليس مجرد أمير وحسب بل هو عالم من الإرادة الصادقة، والعمل المخلص، والإنسانية المتدفقة. فهو الذي تم إعداده منذ نعومة أظافره على يد والده الراحل المقيم الملك عبد الله بن عبد العزيز كمشروع إنساني مستقبلي متكامل الأركان ومتناسق الملامح. لذلك نشأ متميزاً في كل شيئ. درس العلوم السياسية ونال أرفع الدرجات في هذا المجال فكان بحق السياسي الذي يعرف كيف يتعامل مع المهام الصعبة ويتجاوز بحنكة الخبير جميع الحواجز. رجل لا يعرف في حياته المستحيل ويهتم بأدق التفاصيل. شهدت له كل المواقع التي تولاها بأنه يصنع النجاح أينما وجد. شغل في بدايات حياته العملية منصب مدير إدارة الحاسب الآلي بالحرس الوطني فكان نموذجاً متوهجاً للتطوير والتحديث، وعمل وزيراً مفوضاً بوزارة الخارجية فبرز كخبير محترف في الدبلوماسية وإدارة الملفات الصعبة بالسياسة الخارجية للمملكة. وتجلت مواهب الأمير مشعل الإدارية في أقصى درجاتها حين تم تعيينه أميراً على نجران وتلك قصة أخرى من النجاح مازالت فصولها تروى بين جميع أهالي المنطقة. نعم خمس سنوات قضاها مشعل بن عبد الله أميراً على نجران كانت حافلة بالإنجاز والإعجاز في جميع مجالات الحياة. وفي هذه المرحلة كنت شخصياً شاهد عيان على هذه الفترة المهمة في مسيرة الأمير مشعل. ولمست مثل غيري من أهالي نجران كيف أن الرجل لا يدخر جهداً ولا فكراً ولا وقتاً في سبيل تحقيق طموحات وتطلعات أبناء نجران فكانت المشروعات التنموية والخدمية الضخمة التي مازالت تحمل بصماته في جميع محافظات ومراكز المنطقة وكان الإهتمام غير المحدود بالمبدعين وأهل الخبرة وصناع الأمل وكان التواضع مع الجميع والتعامل الإنساني النبيل في كل المواقف .. شارك الأمير مشعل أهالي نجران أفراحهم وأحزانهم فصار بعض منهم لا ينفصل لحظة عن قضاياهم الكبيرة والصغيرة فدخل القلوب وسكن الواجدان دون إستئذان. هكذا هو مشعل بن عبد الله رجل لا يشق له غبار ، ورجل إدارة من طراز فريد، وصاحب مبادرات تفوق كل تصور وإنسان يعيش من أجل الآخرين، لا يصد أحد ولا يرد طلباً لهذا وغيره فإن صورته وأعماله في نجران ستظل مطبوعة في نفوس الأجيال… وتواصلت مسيرة الرجل المترعة بحب الوطن حين تولى إمارة مكة المكرمة لسيطر صفحة مدهشة في سجله الناصع ويؤكد على قدراته الإدارية الفائقة حيث أسس خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها إمارة مكة نظاماً غير مسبوق في الشفافية والنزاهة والمحاسبة وجعل العمل الميادني هو أساس كل شيئ ليحقق بذلك منهجية متقدمة في المتابعة كان لها الأثر الكبير في رسم تفاصيل كثير من المشروعات المهمة التي شهدتها المنطقة في جميع محافظاتها مثلما كانت بصماته حاضرة في إدارة شؤون حجاج بيت الله الحرام.
.. مثلما قلت في بداية هذا المقال تبقى المهمة شاقة دائماً حين يكون الحديث عن الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز لأن نجاحات هذه الشخصية كانت ومازالت أكبر من كل مساحات الكتابة ولعلي أحتاج إلى سنوات وسنوات حتى أسطر فصلاً واحداً في مسيرته العامرة بالوطنية وشخصيته المتوهجة بالإنسانية والحافلة بالعطاء. وحسبي في الختام أن استعير تغريدة نشرها أحد المحبين مع صورة للأمير مشعل جاء فيها ( هلت تباشير الفرح) .. وأنا أقول : دمت أبداً تنشر الفرح وتزرع الامل أيها الأمير النبيل.