علي اليامي
… هناك مشاهد ومواقف في الحياة تظل مطبوعة على جدار الذاكرة ، ومحفورة في صفحة الأيام .. عصية على سلطان النسيان لأنها تحمل في طياتها تفاصيل موسومة بقناديل النبل، ومطرزة بثريات المحبة ، و متى يكون الحديث عن النبل والمحبة فإن اسم الأمير مشعل بن عبد الله هو الأكثر حضوراً لأنه ببساطة رجل تجتمع فيه هذه الصفات الجميلة وغيرها من معان سامية ، ومن هنا فهو أمير وضع بصمته أينما حل وارتحل حتى اصبح اسمه علامة ( مسجلة) في دفاتر العطاء المستدام، و منارة شاخصة للإنسانية، والخير، وحب الوطن.
… وتتداعى الذكريات .. بالأمس القريب كنت أقلب ارشيف الماضي الجميل .. العدد الأول من صحيفة ( مكة) .. هذه الصحيفة التي ولدت عملاقة وما زالت تتصدر قائمة العطاء في زمن الإعلام الجديد .. توقفت عند توقيع صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز وكلماته في تدشين العدد الأول من الصحيفة التي جاءت مشبعة بقوة الطموح، والتفكير الناضج، والاعتدال في الطرح .. كيف لا ومشعل كان أميراً وقتها على مكة بعد توليه إمارة نجران وهو الذي يدرك تماماً فخامة الاسم والمسمى .. تصدر الخبر الذي حمل اسمي في العدد الأول وحينها كنت مديراً لمكتب صحيفة ( مكة) بالقصيم … وياله من شرف كبير أن يقترن اسمي بهذا الحدث الكبير .. يومها قال الأمير مشعل : إن هذه الصحيفة يجب أن تكون في المقدمة لأنها تحمل اسماً عزيزاً على كل إنسان سعودي وبالفعل كانت هذه الكلمات الموجزة البسيطة هي الوقود والزاد لكل الذين شهدوا ذاك اليوم ومن بينهم الإعلامي المتميز حسين نجار الذي تولى مهمة تقديم حفل التدشين والخبير د. عثمان الصيني الذي ترأس تحرير الصحيفة ، وجمع من ألمع نجوم الإعلام والصحافة والمجتمع في ذاك الوقت، ولم يكن دعم وتشجيع، وتحفيز الأمير مشعل مستغرباً أو غريباً فهو الذي عرف عنه مساندة كل المشاريع الوطنية في جميع المجالات كما هو الحال في ظل قيادتنا اليوم التي تدعم وتساند الصحف وجميع وسائل الإعلام الوطنية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله واهتمام سمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
.. إن علاقة الأمير مشعل بن عبد الله بالإعلام والإعلاميين نابعة من إيمانه الكبير بأن الكلمة الصادقة هي مفتاح التقدم في الدول الحديثة وعليها تقوم أسس النهضة و تتفتح أبواب المعرفة لترقية المجتمع، ومن هنا يتأتي اهتمام الأمير مشعل بالصحافة والصحفيين ويتعامل معهم بروح راقية ، و يشرفني أني كنت من تلاميذ مدرسة الأمير مشعل ومتابع لكل ما قام به من إنجازات في نجران وغيرها من مواقع المسؤولية التي عمل بها سموه وما زالت مهتماً بعطائه الوطني الدفاق وهو بعيد عن موقع المسؤولية لأن مشعل هو نفسه مشعل لا يتغير ولا يتبدل وطني حتى النخاع ومحب للقيادة ملتزم بتوجهاتها وتوجيهاتها.
… كانت تلك خواطر من زمن مضى ولكنه مازال باقياً .. خواطر تجسد معاني راسخة في التعامل واحترام الأخر وحب الخير للجميع .. صفحة مشرقة من كتاب ( مشعل) الذي كلما أعدت قراءته وجدت نفسك أمام إنسان لا تعرف همته التثاؤب.
.. شكراً مشعل .. شكراً ( مكة)