علي اليامي
… الحديث عن الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز ما أن ينتهي عند نقطة معينة حتى يمتد إلى مساحات أكثر رحابة وموضوعات في غاية التشويق .. مشعل يجعلك في حالة بحث مستدام عن أغوار هذه الشخصية الفريدة في كل شيء فهو ليس مجرد رقم مهم داخل شجرة العائلة المالكة وحفيد المؤسس وابن ملك – وهذا يكفيه شرفاً وعزة – ولكنه نهل من هذا المعين الطيب وتشرب بروح الإنسانية والمعرفة والأدب والتواضع وجميل الخصال الأمر الذي جعله موضع احتفال لدى محبيه وعارفي فضله .. ومشعل رجل تعلق قلبه بالعلم والعلماء ونظرة واحدة في مكتبته العامرة بكل أصناف الوثائق ونوادر الكتب والمخطوطات وجميل الذكريات تؤكد لك عشقه للتفاصيل لدرجة تصل إلى حرصه على كل القصاصات التي لها وقع خاص في مشوار حياته المترع بالجمال وحب الناس مثلما هو شديد الحرص على صداقاته الإنسانية الرائعة، ولعل ما كان يربط بينه و رجل الدولة الراحل عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري هو نموذج فريد لجمال الروح والتواصل الإنساني الذي يتجاوز حدود المألوف ليحلق في سماوات بعيدة تلامس الثريا… ومن الأمثلة على هذا الارتباط الروحي بين الرجلين تلك الرسالة التي خطها التويجري إلى صديقه مشعل مهدياً له أحد كتبه تفصح عن مدى المحبة التي يكنها التويجري لصديقه الأمير مشعل ، وحتى لا نفسد جزالة المفردات وعمق المعاني نفسح المجال لهذه الرسالة دون تدخل يقول التويجري في رسالته: صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته … احييك شابًا أراد لنفسه وهو ابن عبد الله بن عبد العزيز أن يكون ابن المعرفة .. ظل معها أينما وجدها شاباً الأمل فيه لا يتعثر .. بمناسبة صدور الجزء الثاني من كتاب ( لسراة الليل هتف الصباح) بعنوان (عند الصباح حمد القوم السري) : يسرني ان أبعث به إليك لأن فيه جدلًا تاريخيًا من أعلى المستويات بين الملك عبدالعزيز وبين الحياة الذي انتصر على كل المعوقات بعقله وذكاءه وفطنته، فيه الخصوم وفيه أيضاً عبد العزيز مع القاصي والداني رسائله مع الخصوم كيف هي حميمية ، ورسائله إلى أبنا شعبه توقظ النيام ، فعبد العزيز هو الذي لكم ولتاريخكم به ترون أنفسكم يا سمو الأمير .. لاشيء عندي أقوله إلا أن الأمل فيكم كبير لايهزم – إن شاء الله – أنتم الأبناء والأحفاد. والله يحفظك ويرعاك … ما أجمل الكلمات وما أرق العبارات حين يكون التواصل بين صديق عارف , وأمير متفهم .. والرسالة في معناها ومبناها تكشف كيف يبني مشعل الإنسان علاقاته مع الآخرين ويجعل منها منبع حكمة تستحق الاحتفاء ، وموضع ابهار لا ينتهي .. وكم كان مشعل معجب بالشيخ عبد العزيز التويجري متلمساً خطاه في كل صغيرة وكبيرة متزوداً منه بكل جميل .. يقول الأمير مشعل ( كان الشيخ عبد العزيز – رحمه الله – والد آخر لنا يراجع معنا الدروس و يتحفنا بملاحظاته الشخصية وحديثه كان دائماً ملئياً بالثقة والود والصدق والأخوة وحين يكون الحديث عن الوطن فإنه يكون من القلب إلى القلب وعند اجتماع الوالد الملك عبد الله مع الشيخ التويجري فإن للكلام طعم آخر) ويقول الأمير مشعل أيضاً ( إن الشيخ عبد العزيز التويجري كان يطلبني للذهاب معه إلى قصر الملك عبد الله وكان سريع الخطى وسريع الكلام ولكنه حاضر الذهن والبديهة وموسوعي المعرفة ولم أر أدهى منه في توقع الأحداث وقراءة المستقبل وقد سعدت برفقته في مراحل وأوقات عديدة) … كلمات صادقات من أمير محب تعكس الاحترام والوعي الذي يكنه أبناء الملوك للوزراء والمواطنين ، وما أجمل أن نسمع مثل هذه الكلمات المضيئات من حفيد مؤسس وابن ملك يتحدث بلغة التواضع عن ذكرياته مع معلمه بهذا الأدب المتناهي.
… إنه ( مشعل) المثقف والمرهف الحس المحب لوطنه وقيادته و الذي يجعلك تتعلم منه كل يوم شيئاً جديداً .. شكراً مشعل الأمير على كل هذا العطاء الجميل.