في ظل التطورات الراهنة في مجال التكنولوجيا، وتحديدا في تكنولوجيا الإنترنت، فقد تم استبدال بعض الأنشطة التقليدية إلى الكترونية , ومنها استخدام التطور التقني والتكنولوجي في الجوانب القانونية للأعمال التجارية المحلية والدولية . أحد تلك المجالات مجال التحكيم التجاري كوسيلة لفض النزاعات التجارية الالكترونية والتقليدية المحلية والدولية. في ظل نظام التحكيم التجاري السعودي الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/34 في 24/5/1433هـ وأهميته وإسهامه في خلق بيئة قوية ومناسبة لفض النزاعات التجارية والاستثمارية في المملكة وطمأنة المستثمر المحلي والدولي لطرق فض نزاعاتهم بالطرق الملائمة والمواكبة للاتفاقيات الدولية المعنية في المملكة , فإنه يثور تساؤل حول إمكانية تحويل التحكيم التجاري التقليدي إلى منصات تحكيم الكترونية يستخدم فيها وسائل التقنية والتكنولوجيا في جميع إجراءاته في المملكة العربية السعودية في ظل نظام التحكيم التجاري والاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية نيويورك واتفاقية واشنطن وغيرها.
هناك عوامل تحدد بالضبط نجاح التحكيم التجاري التقليدي بقالب الكتروني مؤسسي متكامل في السعودية ومن تلك العوامل ترجمة المبادئ والإجراءات اللازمة في التحكيم التقليدي إلى الكتروني وتحليليها ووضع إطار قانوني محلي ودولي لوسائل التنقية والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها في إجراءات التحكيم وإزالة العوائق والمخاطر التقنية وخصوصا في الحماية والسرية.
التجارب الناجحة لوسائل فض النزاعات سواء في التجارة التقليدية أو التجارة الالكترونية ومراكزها الالكترونية خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية مثل (Squaretrade) ومثل Uniform Domain Name Dispute Resolution Policy UDRP)) و((Virtual Magistrate تدفعنا للاستفادة منها في إنشاء مراكز الكترونية مؤسسية لفض النزاعات سواء التحكيم أو الوساطة أو الصلح في المملكة والخليج العربي والشرق الأوسط متماشية مع الأنظمة والاتفاقيات الدولية ابتداء من اتفاقية التحكيم وانتهاءً بتنفيذ حكم التحكيم الوطني والأجنبي التقليدي والالكتروني وفقا لأنظمة المملكة المعنية بالموضوع والاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية نيويورك للاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها عام 1958م واتفاقية واشنطن لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدول وبين رعايا الدول الأخرى عام 1965م من شأنها بإذن الله دعم وتطوير وسائل تسوية المنازعات التجارية والاستثمارية في المملكة ومراكزها وتحويلها لمنصات ومراكز الكترونية وخصوصا التحكيم في سبيل تحسين الإطار والبيئة النظامية للأنشطة التجارية والاستثمارية بالمملكة وأن تكون عوامل استقرار وجذب للاستثمارات الوطنية والأجنبية بالمملكة العربية السعودية.
في المقالات التالية سوف أتطرق بإذن الله لأهمية تسوية المنازعات بالطرق البديلة الالكترونية عملياً وعلمياً والإطار القانوني والتقني لها محليا ودوليا.
د/ محمد أحمد عبدالله المشيقح
محكم معتمد ومستشار قانوني
almushaigah.m@gmail.com
