الجودة : التحرير
الصقور ليست مجرد طيور بل هي مضرب للقوة والشجاعة، وعالم من المتعة والدهشة في آن واحد مما جعل كثير من الدول أن تتخذها رمزاً في شعاراتها الوطنية ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة حتى أصبحت هذه الطيور فيها محل اهتمام خاص من جانب الدولة وقيادتها وحظيت برعاية مؤسسات تم إنشاءها خصيصاً لهذا الغرض وهكذا الحال في عدد آخر من الدول العربية. وقصة الصقور مع الإنسان والبيئة فعلاً تستحق هذا الاهتمام. وتعد هواية رياضة الصيد بالصقور أو( البيزرة ) – نسبة إلى طائر الباز- من أشهر وأقدم الرياضات التي عرفتها الشعوب العربية وتمت ممارستها منذ قديم الأزمان لاصطياد الأرانب البرية وطيور الحبارى كوسيلة لتوفير الغذاء إلى أن تطورت فيما بعد لتصبح رياضة تقليدية وفق ضوابط قانونية .
مواصفات وصفات
أثبتت الدراسات أن هناك 270 نوعاً من الصقور تعيش في بيئات مختلفة عدا القارة القطبية الجنوبية ، وتمتاز الصقور بقوة مخالبها وحدة بصرها إذ يمكنها الرؤية أفضل بثمان مرات عن الإنسان وتستطيع تحديد فريستها من مسافة 100 قدم والطيران بسرعة 320 كيلومتر في الساعة هذا غير قوة مخالبها. وفي العادة تربى الصقور بهدف استخدامها في صيد الحيوانات الصغيرة كالأرانب والطيور خصوصاً الحبارى وغيرها من الطرائد . ومن أشهر أنواع الصقور الحر، والشاهين والباشق وهي تتفاوت في أحجامها وأوزانها وصفاتها وهي تتشابه مع عدد من الطيور الجارحة الكبيرة والصغيرة التي تعيش في شرق دولة الإمارت ومنها العقاب والشمالية والشرياص والجلابة والرخم والاصرد والبدوار ثم البوم .
اهتمام كبير
بلغ عشق مواطني الأمارات بالصقور حداً بعيداً حتى أن المجلس الأعلى للدولة اتخذ هذا الطائر شعاراً للإمارات في التاسع من ديسمبر عام 1971 وقامت برسم الشعار فتاة إماراتية من أبو ظبي تدعى ( ظبية خميس).وتحظى رياضة الصيد أو القنص بالصقور بشعبية كبيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وقد عرف عن الشيخ زايد آل نهيان – رحمه الله –حبه الكبير لهذه الرياضة وقال في هذا الجانب : ( إن الصيد بالصقور رياضة مهمة ووسيلة من الوسائل التي تعلم الصبر والجلد والقوة كما أنها تعتبر لونا من ألوان التغلب على الخصم بالذكاء والقوة و تظهر ابن البادية بما وهبه الله من فطرة ومقدرة على استنئناس هذا الطير الجارح وتأديبه حتى يصبح مطيعاً له ) . وعرف عن أهل الإمارات عموماً وأبو ظبي على وجه الخصوص ولعهم وبراعتهم في ترويض الصقور منذ أقدم العصور. وفي الغالب يبدأ موسم الصيد في دولة الإمارات خلال فصل الخريف حيث تبدأ طيور الحبارى بالهجرة إلى مواطن تكاثرها في أواخر سبتمبر وحتى أوائل أكتوبر وينتهي في شهر مارس مع بداية فصل الصيف.
فعاليات ومهرجانات
عقد أول مؤتمر دولي للصيد بالصقور في أبوظبي عام 1976 وحضره حشد كبير من نخبة من علماء التاريخ، والأطباء المتخصصين والمهتمين بالطيور، وعلماء المتاحف بهدف الحفاظ على الصقور وتطوير رياضة الصيد بهذه الطيور و وضع قوانين تنظمها.
وتم الإعلان عن ” برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور ” عام 1995 ويهدف إلى إعادة تأهيل الصقور المصادرة وغيرها من الجوارح من خلال إطلاقها إلى بيئتها البرية وقد ساهم في الحد من عمليات صيد الصقور غير القانونية من خلال إصدار جوازات سفر الصقور التي هي عبارة عن ترخيص لمدة ثلاث سنوات تسمح لكل من المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات بنقل الصقور المملوكة بصورة قانونية مرارا وتكرارا عبر الحدود الدولية للاستخدام الشخصي.
وبمبادرة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة تم إنشاء مركز (البروفالكن) في عام 1996 بمدينة العين الذي يعد أكبر مركز لإكثار الصقور على مستوى العالم ويهدف إلى تشجيع استخدام الصقور المهجنة بدلا من الصقور البرية المهددة بالانقراض في رياضات الصقور. وخلال عام 1999 تم افتتاح مستشفى أبوظبي للصقور ويعتبر أول وأكبر مستشفى يعنى بتقديم الرعاية الصحية العامة للصقور والطيور الجارحة على مستوى العالم . ويضم المستشفى متحفا للصيد بالصقور والذي يقدم للزوار شرحا مفصلا عن تاريخ وتقاليد الصيد بالصقور في منطقة الشرق الأوسط بجانب عرضه للأدوات والمعدات المستخدمة في هذا المجال. وتلى ذلك تأسيس نادي صقاري الإمارات والذي يمثل صقاري دولة الإمارات في عام 2001 لدعم أساليب الصيد المستدام وأطلق النادي عددا من المبادرات الرامية إلى الحفاظ على الصقارة .وتوجت هذه الجهود بمبادرة الإمارات التي تبنتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( اليونسكو) في نوفمبر 2010 بإعلان تسجيل ملف الصقارة كتراث إنساني حي في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. كما درجت الإمارات على تنظيم مهرجان الصداقة الدولي للبيزرة الذي يقام كل ثلاث سنوات في أبوظبي بمشاركة وفود من 75 دولة ويتحول هذا المهرجان إلى عرس للتراث والفلكلور والفنون الشعبية وازياء وتقاليد الصقارين من مختلف أنحاء العالم.