تقرير : أريج الزوي_بنغازي
خاص_ الجودة
تعاني ليبيا منذ 5 أعوام مضت وحتى يومنا هذا من أوضاع اقتصادية و سياسية صعبة و معقدة في آن واحد , وذلك لعدم وجود حكومة موحده تسير أمور البلاد (تعدد الحكومات) .
_فبراير و سقوط حكم القذافي_
لم تحقق ثورة 17 فبراير التي قام بها الليبيون في عام 2011 إلا مطلبا واحدا من مجموعة مطالبها إلى غاية الآن وهي إسقاط نظام الرئيس الليبي/ معمر القذافي الذي حكم البلاد لمدة 42 عاما .
وقد تحقق مطلبهم هذا في يوم 20 أكتوبر من عام 2011 , وذلك بعد أن قتل القذافي على أيدي مجموعة من الثوار الليبيين في مسقط رأسه بمدينة سرت الواقعة غرب البلاد و التي احتمى بها في أيامه الأخيرة .
وبعد موت القذافي أعلن المجلس الوطني الانتقالي ” السلطة الانتقالية” برئاسة المستشار / مصطفى عبدالجليل , يوم الأحد الموافق 23 أكتوبر عام 2011 وسط احتفالات رسمية وشعبية كبيرة في مدينة بنغازي تحرير البلاد بالكامل و دخولها في عهد جديد من الحرية و الديمقراطية التي كان يطمح إليها الشعب الليبي آنذاك .
وبقي الليبيون في عامي 2012 و 2013 على أمل كبير لتحقيق باقي أهدافهم التي كانوا يطمحون إليها وهي البدء في إعادة بناء البنية التحتية المتهالكة و أعمار البلاد و وضع برامج وخطط للتنمية لدعم الشباب و القضاء على البطالة و توفير الفرص للتعليم خارج البلاد .
و وضع دستور يحترم حقوق وحريات جميع فئات الشعب الليبي بمختلف انتماءاتهم العرقية ويضمن تداول السلطة , ولكن بقيت ليبيا بلا دستور إلى يومنا هذا نظرا لتأزم الأوضاع فيها وظهور ما لم يكن في الحسبان! .
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني الانتقالي المؤقت تشكل بعد قيام الثورة وذلك يوم الأحد الموافق 27 فبراير عام 2011 في مدينة البيضاء شرق ليبيا وقد ترأسه في تلك الفترة المستشار / مصطفى عبد الجليل , وتم حل السلطة الانتقالية يوم 8 أغسطس عام 2012 .
_ظهور ” تنظيم داعش” و تأزم الأوضاع في ليبيا_
ظهرت الجماعات الإرهابية المتطرفة ” تنظيم داعش ” لأول مرة في ليبيا يوم 13 نوفمبر عام 2014 بمدينة درنة مستغلين بذلك الفراغ السياسي و انتشار السلاح والنزاعات بين مختلف الأطراف الليبية و الانفلات الأمني في البلاد .
حيث أنشأت هذه المجموعات المتطرفة فرعا لها في مدن الشرق من بينها مدينة بنغازي , وقامت بتنفيذ عمليات اغتيال و خطف ضد قيادات و ضباط الجيش الليبي و المواطنين و نشطاء المجتمع المدني و الصحفيين و الحقوقيين و رجال الدين .
كما نفذت عدة عمليات انتحارية وتفجيرات إرهابية مستخدمة في ذلك السيارات المفخخة استهدفت التي المواقع العسكرية في مدينة بنغازي كمعسر الصاعقة و المظلات الواقع في حي ” بوعطني” و مراكز الشرطة و مديرية الأمن, وهذا الأمر الذي أدى إلى توقف المحاكم و أجهزة القضاء النيابية عن العمل .
كما أن أيدي الإرهاب طالت أيضا المصليين داخل مساجد المدينة من بينها مسجد ” بيعة الرضوان/ و ” سعد بن أبي عباده / و أبو هريرة وخلف هذا التفجير الإرهابي عددا من الجرحى و القتلى .
_تعدد الحكومات و إنهاء الأزمة الليبية _
مازالت ليبيا تعيش في حالة انقسام سياسي كبير لأن البلاد تدار من قبل حكومتين منفصلتين منذ عام 2014 , الأولى : هي ” الحكومة الليبية المؤقتة ” المنتخبة من قبل مجلس النواب الليبي (البرلمان) و يترأسها / عبدالله الثني بمدينة البيضاء في الشرق , و الثانية : هي حكومة الوفاق الوطني المدعومة دوليا من قبل الأمم المتحدة يديرها / فائز السراج في العاصمة طرابلس .
و حول العملية السياسية و إنهاء الأزمة الليبية قال المبعوث الأممي إلى ليبيا / غسان سلامة في كلمة له ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي : أنه إذا لم تتوفر البيئة السليمة و المناسبة فإنه لن يتم إجراء الانتخابات هذا العام .
وقد دعا سلامة في كلمته إلى الضغط على أعضاء البرلمان الليبي لقبول إجراء الانتخابات في وقتها المحدد بشهر سبتمبر 2018 لإنهاء هذه الأزمة المستمرة منذ سنوات.
يذكر أن مجلس النواب الليبي تم انتخابه في 25 يونيو عام 2014 و عقدت مراسم تسليم السلطة التشريعية له من قبل البرلمان السابق (المؤتمر الوطني العام) بمدينة طبرق شرق ليبيا في أغسطس 2014 .
_الأزمة الاقتصادية في ليبيا و تردي الأوضاع المعيشية _
كتب الخبير الاقتصادي و الرئيس السابق للمؤسسة الليبية للاستثمار الدكتور/ محسن الدريجة في مقال له أنه من أسباب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها ليبيا في الوقت الحالي هو :
1_توسع الإنفاق العام والتوظيف في القطاع الحكومي الذي حدث في عامي 2012 و 2013
2_في النصف الثاني من عام 2013 أي مع بداية نشاط ” الحراك الفيدرالي ” تم إغلاق الموانئ النفطية في وقت كانت فيه أسعار النفط حوالي 100 دولار للبرميل .
3_هبوط أسعار النفط في عام 2014 إلى 30 و40 دولار للبرميل مما أدى إلى انخفاض صادرات النفط بعد إغلاق ” صمامات الريانية ” وتوقف إنتاج حقول الجنوب الليبي عن العمل .
4_قيام بنك ليبيا المركزي بطباعة المزيد من النقد مما ساهم في ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم
5_شح السيولة النقدية في البنوك الليبية ففي عام 2016 قام البنك المركزي في مدينة البيضاء الواقعة شرق البلاد بطباعة العملة في روسيا التي اعتبرتها حكومة الوفاق مزورة ولكن حاجة المواطنين إليها جعلها مقبولة في عمليات البيع والشراء الأمر الذي زاد من ارتفاع سعر العملة الصعبة مع زيادة الكميات المطبوعة في شرق وغرب البلاد .
6_والسبب الأخير هو عدم الوصول إلى توافق بين بنك ليبيا المركزي و حكومتي الشرق و الغرب للقيام بإصلاحات اقتصادية تخفض من الإنفاق العام .
وبذلك أصبحت البلاد على هذا الوضع إلى يومنا هذا من شح العملة الصعبة و زيادة النقد الليبي خارج البنوك إلى مستوى غير مسبوق .
وحول الأوضاع المعيشية في البلاد تم أخذ أراء بعض المواطنين الليبيين من حيث غلاء الأسعار والأمن والأمان :
قالت آمال الحاسي /: موظفة لدى وزارة الثروة البحرية والزراعية بمدينة بنغازي أن الوضع الاقتصادي في ليبيا سيء للغاية , حيث أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أدى إلى عدم تمكن بعض الأسر الليبية من سداد قوت يومها نظرا لمحدودية دخلها الشهري ونقص السيولة في البنوك .
أما عن الأمن والآمان فهو في وضع جيد الآن ولكن نطلب من الجهات الأمنية أن تكثف كافة جهودها في الحدود الليبية لمنع عمليات تهريب ثروات البلاد إلى الخارج .
وقالت المهندسة في الشركة العامة للكهرباء بمدينة بنغازي غادة نتفه / : أن الأوضاع المعيشية في ليبيا متردية للغاية بسبب قلة السيولة النقدية في البنوك و ارتفاع أسعار السلع التموينية أدى إلى وصول بعض العائلات الليبية لخط الفقر .
أما بالنسبة لشبكة الكهرباء في ليبيا فتعود مشكلتها إلى عدم وجود تغطية مالية كافية لإنهاء الاعتمادات لشراء معدات و قطع غيار لمحطات التوليد الكهربائي مما جعل الشركة تقوم بعمليات صيانة مؤقتة أدت إلى تكرار خروج وحدات توليد الكهرباء عن الخط
وقالت موظفة لدى وزارة التعليم بمدينة بنغازي هناء الفيتوري /: أن الوضع الاقتصادي و المعيشي في ليبيا متأزم جدا فمثلا : قطاع التربية و التعليم في فترة حكم القذافي إلى غاية الآن يعتبر شبه مأساوي , ولكن هناك جهود تبذل حاليا لإعادة إصلاحه والنهوض به .
أما الأمن والأمان في مدن شرق ليبيا مقارنة بالسنين الماضية فهي جيده جدا إلى حد الآن وستكون أفضل بكثير في المدة القليلة القادمة .
وقالت مروى عبدالسلام الباحثة عن فرصة عمل في مجال الصحة عامة : أن مشكلة البطالة و عدم توفر فرص عمل للشباب موجودة من قبل ثورة فبراير إلى غاية الآن , أما غلاء أسعار المواد الغذائية ونقص السيولة النقدية أدى إلى حالة معيشية سيئة لمعظم الأسر الليبية .
_إعلان الحرب على الجماعات الإرهابية ” تنظيم داعش”_
انطلقت ” عملية الكرامة ” ضد الجماعات الإرهابية المتطرفة في مدينة بنغازي يوم 16 مايو عام 2014 بقيادة القائد العام للقوات الليبية العربية المسلحة رئيس أركان حرب المشير / خليفة بلقاسم حفتر , وذلك من أجل تطهير البلاد من الإرهاب و القضاء على العصابات المسلحة و الخارجين عن القانون و الالتزام بالعملية الديمقراطية و وقف الاغتيالات التي استهدفت قوات الجيش و الشرطة .
و قال المشير / خليفة حفتر في بداية حربه على الإرهاب : ” أن عملية الكرامة ليست انقلابا و أن الجيش لن يمارس الحياة السياسية “.
و بدأت بعد ذلك العمليات العسكرية ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة في مدن الشرق الليبي من بينها مدينتي بنغازي و درنة , ودامت هذه الحرب لمدة 3 أعوام تسببت في سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى و أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية و نزوح بعض الأهالي إلى المدن الأخرى .
وحسب التقرير الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة أن عدد السكان الليبيين النازحين داخل المدن قد بلغ حوالي 217 ألف نازح حتى شهر سبتمبر من العام الماضي وأغلبهم من مدينتي بنغازي و سرت .
و بعد 3 أعوام من المعارك أعلن القائد العام للقوات المسلحة المشير / خليفة حفتر تحرير مدينة بنغازي بالكامل من الجماعات الإرهابية .
وقال في كلمة تلفزيونية له : ” أن النصر تحقق ليعيش المواطن الليبي حرا كريما ، و أن قوات الجيش “قدّمت قوافل من الشهداء منتصبي القامة مرفوعي الرأس في ساحات الشرف ، والآن حان الوقت لـ”تدخل بنغازي عهدا جديدا من الأمن والسلام، والتصالح والوئام، والبناء والعمار، والعودة إلى الديار”. .
والجدير بالذكر أن دولة ليبيا تقع في شمال إفريقيا عاصمتها طرابلس , يحدها البحر المتوسط من الشمال و مصر من الشرق و السودان من الجنوب الشرقي و تشاد والنيجر من الجنوب و الجزائر و تونس من الغرب , وتبلغ مساحتها 1,760,000كم ويبلغ عدد سكانها 6.293 مليون نسمه .