علي اليامي :دبي
مياه كثيرة جرت تحت جسر الحياة في اليمن منذ دخول البلاد في الصراع المسلح الذي فرضه الحوثيون والمخلوع صالح على هذا الشعب وانسحب تأثير هذا الصراع على مجمل الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ولم تعد الحياة كما كانت قبل الأزمة ومازالت التفاصيل تتوارى شيئاً فشيئاً خلف الدخان ورائحة الموت ومع كل هذه التغيرات ظلت عادة تعاطي مادة ( القات) المشهورة بين أغلب سكان أهل اليمن ظلت حاضرة ولكن غابت جلساتها التقليدية التي كانت تجمع الأهل والأحباب والأصدقاء من كل المشارب وأصبحت دواوين جلسات القات المعروفة خاوية اليوم ليس لأن الناس امتنعوا عنها بسبب مضار القات الصحية وأضراره الاقتصادية والاجتماعية المعروفة ولكن جاء هذا التغيير بعد أن تفرق أصدقاء الأمس عن جلسات القات من جراء الحرب الدائرة الآن رغم أن الشجرة التي تنبت هذه المادة وقفت عصية لأربعة قرون في جه كل محاولات اجتثاثها وتفرق اليوم عشاق وسمار جلسات مضغ القات..
تنبيه
( ليس دفاعاً عن متعاطي القات أو تشجيعاً لهذه العادة الضارة بل هي محاولة لقراءة أكثر قرباً من المجتمع اليمني في ظل الظروف الحالية التي يعيشها اليوم وسط هذا التحارب الذي ضرب بأطنابه في جميع أنحاء البلاد … من هذا المنظور عملت ( الجودة ) على رؤية الصورة ).
سيطرة الوهم
يقول الباحث الاجتماعي د. واثق سفيان إن عادة تناول اللقات في اليمن ربما تكون غابت مظاهرها القديمة وتجمعاتها المعتادة ولكنها مازالت حاضرة على مستوى الأفراد وبعض التجمعات الصغيرة ولم تقف ظروف الحياة الصعبة أمام سيطرة القات على اليمنين حتى في الحرب والمسيرات والاعتصامات بل أن الضعف الذي تشهده الدولة حالياً وما تمر به من انهيار كامل في شتى مفاصلها جعل الناس أكثر تمسكاً باستخدام القات رغم مضاره الصحية والاقتصادية والاجتماعية المعروفة إلا انهم ربما يجدون فيه بعض السلوى – حسب تصورهم – وهم يرون بلادهم في هذه الحالة من التمزق والاحتراب، واستبعد د. سفيان أن يتخلص المجتمع اليمني من هذه العادة في االوقت القريب مادام – حسب رأيه – مازال التخلف الفكري والاجتماعي يسيطر على فئات المجتمع اليمني.
سياسة القات
يرى الباحث في الدراسات الاجتماعية د. سامي حسن أن الدولة اليمنية السابقة برئاسة المخلوع صالح طوال العهود الماضية هي المسؤول الأول عن زراعة وانتاج وانتشار استهلاك القات بين جميع طبقات المجتمع وهذا الوضع بدوره قاد إلى حالة التخلف التي يعيشها اليمن اليوم وهذا الأمر ازداد سوءً في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشها اليمن الآن وقال إن القات متداول في كل مكان حتى داخل مكاتب المدرسين وأساتذة الجامعات بل أن اجتماعات أعضاء الأحزاب المسائية يسيطر عليها الاستمتاع والاسترخاء بمضغ كميات هائلة من القات واستطيع الجزم – والحديث لدتور سامي – بأن أغلب القرارات السياسية المهمة خلال العشرين سنة التي مضت تم اتخاذها تحت تأثير القات. وفي الاتجاه نفسه تشير الدكتورة عائشة إلى أن الأزمة اليمنية الحالية ساهمت في ارتفاع نسبة تعاطي القات في المنزل والسيارة والشارع والمدرسة بل وعلى ظهور الدبابات وخلف المدافع لأن المواطنين – حسب رأيها- يحاولون نسيان همومهم وتخطئ الصعاب عبر الوهم، فيما يؤكد بائع القات ناصر القرن بأن الأزمة الأمنية والسياسية الحالية ساهمت في ارتفاع أسعار القات بصورة غير مسبوقة خاصة النوعيات العالية الجودة والخالية من الأسمدة.