بقلم : محمد الغامدي
آليت على نفسي في حقبة من الزمن، وزمن على وزن فعل، أن أكتب مقالاتي بهذه الصيغة، التي تجمع ما بين الفعل وتصريفه ومرادفاته، ووجدت أن من يقرأ كانت تأخذه إلى أبعاد، على وزن أفعال، يرسلها أحياناً إلى عملية الاستعراض في اللغة.
واستعراض يأتي على وزنها استغفال واستفحال واستثمار، وهذه الأخيرة هي الأهم؛ حيث أنك عندما تستثمر في قطعة أرض فضاء خير لك من أن تستثمر في ولد، على وزنها زمن السابقة الذكر، وأيضاً بلد، وبهذا فإنك ستجمع الحسنيين في حياتك، وأصبحت ممن يشار لهم بالبنان، ويأتي على وزنها حِسان، وجنان وغفران، ليس صكوك الغفران التي يتحدث عنها البعض أو ليس حور الجنان، بل إنها أتت على السياق دون أن أشعر أنها قد توصل الانسان إلى الآخرة، بلا إدراك منه، ودون موعظة توضح له أنه يسلك مسلكاً غير سوي.
أدرك أنه مرّ زمان، وزمان كحسان، لها وجهان، الأول: كان القاريء أكثر تدقيقاً واطلاعاً ومدركاً لأبعاد الموضوع.. ويعي ما يقرأ بل ويناقش الفكرة، ويتهوز أحياناً، وينقض فكرتك من الألف إلى الياء دون أن يغمض له جفنا. بينما اليوم سيصفق لك دون أن يقرأ لك وسيقول الله كم أنت مبدع.. ثم يذهب.
الثاني: قاريء زمان كان، وهي فعل ناقص، يحيلك إلى مراجعه الأصلية التي تخص ذات الموضوع، على وزن مفعول، ومثلها مغبون ومجبول ومهبول ومسطول ومنحول. ومنحول هذه تجدها كثيرة في هذه الأيام حيث أن معظم ما تدور عنه المقالة قد اُشبعت ضربا وتصريفاً بحيث أن تكرارها أصبح مملاً، وعلينا أن نراجع أنفسنا كي نكتب، ما يفهم، وليس على القاريء أن يفهم ما يُكتب.
أمّا مسطولٌ هذه فعليك أن تذهب إلى نكتة لتحلّي بها ما تكتب، وإلا فأنت ثقيل دم، وثقيل على وزن فعيل، ومثلها خطير، ولست من أهل الحل والربط، ولا تمتلك جرأة في الكتابة عن فلان وفلانة. وبهذا فإن قاريء اليوم أصبح أكثر خفة عن ذي قبل كـ ” كائن لا تُحتمل خفته ” التي كتبها كونديرا على أيام كتابتي لهذا النوع من المقالة.
قطعاً هناك نَفار، وعلى وزنها عقار، نحو أن تعيش وحيداً، وأن تدع الكلأ للملأ، فلا يفيد هنا أن تستنجد بتصريف وتقعر لغوي سيؤدي بك في النهاية إلى باب الجن، ولاحظوا أن على وزنها فن، ولألحظ أنا أن من شغلنا هذه الأيام هم أهل العقار وأهل الفن. فسامحهم الله.. ومنحنا البركة لأننا بعيدون عن هذا الصراع.
الله وكيلكم،،،
