علي اليامي
في الحياة أشخاص سخرهم الله لخدمة الناس دون أن ينتظروا من هذا العمل شكراً أو مقابل .. يعيشون بيننا ويسكنون قلوبنا دون أن نشعر بهم .. إنهم أناس نذروا حياتهم و وقتهم وجهدهم وتفكيرهم من أجل الآخرين وحين يرحل هؤلاء لا يورثون أبناءهم مالاً ولا قصوراً و لا أرصدة بنكية بل يخلفون من ورائهم سيرة عطرة ، ومسيرة مشرفة، وصفحات بيضاء من غير سوء فتحفظها ذاكرة الأيام شهادة لهم بأنهم كانوا هنا يحملون الخير أينما ذهبوا … وأحسب أن الراحل عبد الله بن ظرفان الصقور واحد من هؤلاء الأشخاص النوادر .. هو ابن نجران .. فيها ولد وترعرع وعاش ورحل … رجل بسيط في كل شيء .. ربما لا يسترعي إنتباهك إذا قابلته لأول وهلة ولكنه إنسان استثنائي بمعنى الكلمة.. عاش عبد الله بن ظرفان كل حياته يسعى في قضاء حوائج الناس لا يخش في الحق لومة لائم ولا يمنعه من قول الصدق مانع تجده حيثما ذهبت في الأفراح والأحزان يشارك الناس مناسباتهم وهو موجود في دواوين الحكومة والمحاكم والإدارات يساعد الجميع بجهده وفكره وتوجيهاته حتى أستحق لقب الفزاع . وعبد الله بن ظرفان له قصص ومواقف كثيرة مع الوزراء والمسؤولين في منطقة نجران وكلها شاهد على شجاعته وتجرده في خدمة الناس مهما كلفه ذلك ولازال أهل نجران يذكرون قصته مع الراحل الدكتور غازي القصيبي حين قال له وسط الحضور إن نجران فانوس وتحتاج الكهرباء ولما ذهب القصيبي برفقة أمير نجران في بداية ثمانينات القرن الماضي لمحافظة يدمة شاهد الفوانيس والتريك وعندها قال ( صدق عبد الله بن ظرفان)ولا ينس كل من عاصر عبد الله بن ظرفان قصته مع وزير الصحة الأسبق أسامة شبكشي الذي كان يتجول داخل مستشفى نجران العام وقتها فمازحه عبد الله بن ظرفان بقوله : أيها الوزير خذ حذرك حتى لا يتسخ ثوبك لأن الجدار مازال حديث الدهان بمناسبة زيارتك! وأطلق عليه الكثيرون لقب (الصريح الصادق) وكان بالفعل صريحاً وجرئياً ومباشراً في مخاطبة المسؤولين الذين زاروا منطقة نجران خلال فترتي السبعينات والثمانينات وبداية التسعينيات من القرن الماضي ولازالت الذاكرة النجرانية تحتفظ بكل ما قدمه هذا الإنسان البسيط النبيل لأهله في هذه المنطقة ليس هذا فحسب بل أن الرجل كان مصدراً خاصاً بجميع اخبار المنطقة ومستجداتها قبل ظهور كل هذه الوسائل الإعلامية التي نعرفها اليوم وكان عقب كل زيارة يقوم بها لمسؤول يقدم تقريراً في غاية المهنية والمصداقية ولو قدر له بتاليف كتاب عن حياته لنفدت طبعته منذ اليوم الاول في نجران.
… كانت هذه مجرد إشارات وخواطر عابرة ذكرتني بهذا الرجل القامة والإنسان الفريد في زمانه … الأ رحم عبد الله بن ظرفان الصقور وجعل مثواه الجنة
