تهاني الحميري :دبي
في ظل التطور السريع للوسائل والوسائط التقنية وسيطرة عصر المعلومة على المشهد العالمي وسرعة معالجتها وانتقالها وتوظيفها في كل المجالات برز بقوة ما بات يعرف لدى الدوائر العلمية باقتصاد المعرفة كنمط مستحدث في حياة وسلوك المجتمعات الحديثة وانتقلت بذلك البحوث والدراسات العلمية لتصبح ركناً أساسياً في دائرة الاقتصاد العالمي بل تمثل مؤشراً مهماً لقياس معدلات التطور والنمو داخل البلدان ومن هنا استحق وقتنا الحاضر بامتياز وصفه بعصر المعرفة الذي أصبح يرتكز على تطور الموارد البشرية وترقية المهارات الفردية وتشجيع العقول والابتكارات وسط سباق محموم من التنافس العلمي والتقني .
مفهوم وخصائص
في كتابه عصر الانقطاع (The Age of Discontinuity) يعرف الكاتب الاقتصادي الأمريكي بيتر فرناند داركر أنه العصر الذي تكون فيه المعرفة المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في ظل توافر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدام الابتكار و ( الرقمنة ) .
وحدد عدد من الخبراء والاقتصاديين في وقتنا الحالي اقتصاد المعرفة بعدد من الخصائص على رأسها الابتكار عن طريق الروابط التجارية مع المؤسسات الأكاديمية التي تستطيع استيعاب ثورة المعرفة المتنامية وتكيفها مع المتغيرات المحلية والعالمية ، ومن هذه الخصائص أن التعليم هو أساس الإنتاجية والاقتصادية ودمج التقنية الحديثة في العمل و وجود البنية التحتية القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وسياسات الحوافز المشجعة للمبدعين والمبتكرين .
معدلات
في السابق كانت العمالة ورأس المال والأرض تشكل الثالوث للبنيات الاقتصادية ولكن هذه المعادلة الإنتاجية التاريخية تراجعت بصورة كبيرة لصالح معطيات جديدة تسيطر اليوم على مدخلات ومخرجات اقتصاديات الدول والمؤسسات الحديثة بعد سيطرة مكونات المعرفة والذكاء التقني حيث تقدر دراسات حديثة اجرتها الأمم المتحدة أن اقتصاديات المعرفة تشكل في الوقت الحالي 7% من الناتج الإجمالي العالمي بمعدل نمو يصل إلى 10% سنوياً .
الخليج والمعرفة
اهتمت دول الخليج منذ وقت مبكر بدخول اقتصاد المعرفة وقد بدأ هذا الاتجاه جلياً في الخطوات التي بذلتها المملكة العربية السعودية في هذا المجال من خلال الاعتمادات الضخمة التي وفرتها المملكة لتمويل مشروعات تطوير التعليم العام والعالي وسعي الدولة المتواصل نحو تطوير البنيات الأساسية في مجال المعلومات والاتصالات وتشجيعها للمبادرات الخلاقة والأفكار الجديدة وتنمية الموارد البشرية ودعم عمليات التعليم المستمر ، فيما حققت دولة الإمارات تقدماً مهماً على مؤشر الابتكار العالمي لعام 2016 الذي أطلق رسمياً ، لتحل في المرتبة الأولى عربياً، والواحدة والأربعين عالمياً من حيث أدائها الشامل على المؤشر، متقدمة من المرتبة الثانية عربياً و47 عالمياً في مؤشر عام 2015 ، وأظهرت عدد من الدول العربية اهتماماَ ملحوظاً باقتصاديات المعرفة من بينها دولة قطر التي أنشأت خلال السنوات الماضية مراكز بحثية خاصة في هذا المجال وحققت تقدماً هائلاً في هذا الاتجاه على المستوى الخليجي والعربي والعالمي .