الجودة : التحرير
.. في البدء كانت الإمارات العربية المتحدة حلماً يراود مؤسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان و الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم – طيب الله ثراهما – ثم ما لبث لهذا الحلم أن ترعرع وتوسع شيئاً فشيئاً ليصبح واقعاً يسعى بين الأمم تمثل في دولة متكاملة الأركان و شجرت إتحاد أثمرت نجاحات غير مسبوقة في كل المجالات وأصبحت نموذجاً حياً للتقدم والتطور والازدهار.. إنه حلم أستند على الحكمة النافذة والرؤية السليمة وما زالت تلك الصورة التي رسمها الشيخ زايد والشيخ راشد قبل أربعة عقود وهما يجلسان على طريق أبو ظبي – دبي بالقرب من منطقة السميح يخططان لقيام هذه الدولة تتوهج يوماً بعد يوم والعالم كله تتملكه الدهشه وهو يشاهد في ذهول كامل كيف تتحول الأحلام إلى حقيقة ويا لها من حقيقة رائعة. وما زالت دائرة التوهج تتواصل في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان – حفظه الله .
قصة إتحاد
تقول وثائق الإرشيف الوطني للإمارات التي سبقت رفع علم الدولة في العام 1971م إن الدولة الإتحادية هي ثمرة مبادرات إمتدت لأربع سنوات توجت باجتماع عرقوب السديرة بالقرب من السميح على طريق دبي أبوظبي في 18 فبراير سنة 1968 بين – المغفور لهما- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بإعلان إتحاد يضم إمارتي أبوظبي ودبي كبداية لاتحاد أكبر وأشمل. و في 27 فبراير 1968 واستجابة لنداء حاكمي أبوظبي ودبي اجتمع حكام إمارات ساحل عُمان العربية السبع ( أبوظبي، ودبي، وأم القيوين، ورأس الخيمة، والفجيرة والشارقة وعجمان) وأنضم إليهما فيما بعد حاكما قطر والبحرين. و شكل الحكام مجلساً أعلى ومجلساً تنفيذياً وأمانة عامة. في الدورة التي عقدت فيما بين 21 – 25 أكتوبر 1969 تم بالإجماع انتخاب – المغفور له – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي رئيساً للإتحاد لمدة عامين، كما انتخب صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي نائباً للرئيس للمدة نفسها. وقع حكام الإمارات بعد ذلك القرار التاريخي على وثيقة قيام دولة اتحادية باسم (دولة الإمارات العربية المتحدة) لتشكل نواة إتحاد شامل يضم بقية أفراد الأسرة من الإمارات الشقيقة التي لم تمكنها ظروفها من الانضمام إلى الاتحاد في ذلك الوقت كرأس الخيمة التي لم تعلن انضمامها في ذلك اليوم إلى الاتحاد، ولذلك بدأ مشروع الاتحاد بست إمارات هي أبوظبي ودبي والفجيرة والشارقة وعجمان وأم القيوين. وصدر دستور مؤقت لتنظيم شؤون الدولة.
وكان شهر ديسمبر 1971 شهر ولادة الدولة الاتحادية، ووضع أركانها وأسسها الراسخة، فقد أصدر المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، قراره الاتحادي الأول، والذي تضمن انتخاب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي، رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة لمدة خمس سنوات ميلادية، وانتخاب الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دبي نائباً لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للمدة نفسها. مجموعة القرارات وصدرت بعدها مجموعة من المراسم الاتحادية أقرت مهام رئيس الدولة ونائبه. وتضمن القرار الاتحادي رقم 3 موافقة المجلس الأعلى للإمارات العربية المتحدة تعيين الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيساً لمجلس وزراء الإمارات العربية المتحدة، كما صدر القرار الاتحادي رقم 4 الذي حدد شكل ومقاييس وألوان العلم الاتحادي. وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة قد أصدر المرسوم الاتحادي رقم 1 بشأن تعيين الشيخ مكتوم بن راشد رئيساً لمجلس وزراء الدولة الاتحادية.
وشهد اليوم ذاته توقيع اتفاقية صداقة بين الإمارات والمملكة المتحدة، ونصَّت معاهدة الصداقة التي وقعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، بصفته أول رئيس لدولة الإمارات مع بريطانيا على سريان الاتفاقية لمدة 10 سنوات من تاريخ التصديق عليها، وذلك ما لم يرغب أحد الطرفين في إنهاء الاتفاقية قبل انقضاء المدة. وفي الشهر ذاته، وتحديداً في 9 ديسمبر 1971م طلبت رأس الخيمة الانضمام إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. هذا هو الطلب الأول للانضمام إلى الدولة الاتحادية الجديدة. وخلال الأيام الأولى من إعلان قيام الدولة بلغ عدد الدول التي اعترفت 29 دولة عربية وأجنبية بدولة الإمارات العربية المتحدة و أوصى بقبول انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة إلى عضوية الأمم المتحدة كما وافق مجلس الجامعة العربية في اجتماع مغلق على انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الجامعة العربية لتصبح بذلك العضو الثامن عشر بالجامعة.
كلمات من نور
في هذه الأيام المعطرة بذكرى اليوم الوطني السادس والأربعين لدولة الإمارات العربية المتحدة نستدعي كلمات من نور قالها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى – حاكم الشارقة خلال تكريمه كشخصية العام من جائزة الشيخ زايد للكتاب في عام 2010م قال الرجل ما نصه (في وقت تكالبت فيه المخاوف على المنطقة بعد إنسحاب القوات البريطانية من قناة السويس قبل أربعين عاماً إذا بنجم يلوح بالأفق من هذه الأرض .. كان ذلك زايد بن سلطان آل نهيان، وإذا بالرجل وبهمة الرجال يسرع الخطى ويجترح المسافات، يؤمن الخائف ويعلم الجاهل، ويكون أمة. أقول إنه هو الأمة والرمز الذي نقل هذه الدولة الفتية إلى مقدمة دول العالم، وظل يرتقي بها يوماً بعد يوم حتى أكتسب من خلال سياسته الحكيمة كل وفاء وكل محبة من جميع الدول) ويمضي الرجل قائلاً : ( وفي يوم من أيام رمضان.. إذ بكلمات ترفضها الآذان، ويرفض أن ينطقها اللسان، وإذ بها تمزق الوجدان مات زايد بن سلطان. وإذ الدموع تندفع من المحاجر والكلمات تغص بالحناجر، والسكون يعم المكان إلا من كلمات … وتمر بنا الأيام، نحفظ كثيراً ونضيع كثيراً، ونحن من تربى على يد زايد، ونحن من شرب من مشارب زايد وكأننا لسنا بأوفياء لزاي ومن على هذا المنبر، أدعو جميع الحاضرين في هذه الصالة والذين يشاهدوننا من خلال التلفاز : أيتها الأم .. أيها الأب.. أمسك القلم واجعل أبناءك حولك وسطّر… هذا ما كان يحبه زايد، وهذا ما كان لا يحبه زايد، ونجمع تلك الأوراق، ونضعها في الصدور، ونضعها في مقدمة الدستور، وبهذا الوفاء نكون قد أوفينا زايد حقه).