علي اليامي
.. عرفت جزيرة العرب قبل الإسلام جميع الديانات السماوية وعلى رأسها المسيحية واليهودية . وكانت نجران جنوب السعودية واحدة من أهم المدن في الجزيرة العربية بفضل وقوعها على مفترق طرق القوافل التجارية الرئيسية القديمة التي تربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها وأفريقيا بالمشرق. وهذا الوضع جعل نجران محطة مهمة لتعايش الثقافات الشرقية والغربية، ومن هنا وجدت الديانة المسيحية طريقها إلى هذه المنطقة وانتشرت بين أهلها لفترة طويلة قبل ظهور الإسلام. يقول المورخ إبن اسحق إن الملك الحميري المعروف ذو نواس أغار على نجران بعد تحول أهلها من اليهودية إلى النصرانية فسار إليهم وخيرهم بين القتل إو الرجوع إلى الديانة اليهودية ولما تمسكوا بدينهم حفر لهم أخدوداً وأحرق منهم عشرون ألف نسمة ولم ينج من هذه الحادثة إلا رجل واحد يدعي دوس بن ثعلبان الذي هرب مستنجداً بقيصر الروم وأمر القيصر ملك الحبشة النجاشي بإرسال جيش إلى اليمن للإنتقام من ذو نواس الذي فر وغرق في البحر ؛ إلا أن دخول المسيحية إلى نجران جاء في البداية من مملكة الأنبار وأرتحل معظم مسيحيو نجران ومن بينهم القديس الحارث بن كعب النجراني الذي يعود إليه بناء كنيسة نجران في العام 525 ميلادية والتي كانت تعرف بكعبة نجران نسبة لشكلها المكعب وفد حج إليها العرب لأكثر من أربعين عاماً وتم هدمها بعد دخول الإسلام إلى نجران نتيجة حروب قبلية وقعت بالمنطقة في تلك الفترة. وهذه الكنيسة اليوم مجرد أطلال تحكي قصة الوجود المسيحي في نجران وتقف شاهداً على أهمية المنطقة الثقافية والدينية والحضارية.