المصدر : الشارقة 24
تتواصل فعاليات وبرامج وأنشطة أيام الشارقة التراثية الـ 16، في قلب الشارقة لليوم الثاني على التوالي، لتقدم تشكيلة متنوعة وجاذبة للصغار والكبار، ففي قرية الطفل هناك الكثير من الأنشطة والبرامج الموزعة على أركان القرية، وفيها الكثير من الإضافات النوعية التي تسهم في تعزيز وترسيخ التراث في ذهن الأجيال الجديدة، وفي البيئة البحرية هناك الكثير مما يلفت النظر، وكيف كانت حياة الأجداد والآباء أيام البحر والغوص واللؤلؤ، كما تعرف جمهور التراث وعشاقه وزوار الأيام على مبادرة بركة التراث التي ترتبط بانضمام إمارة الشارقة للشبكة الدولية للمدن المراعية للسن، كما تستمر فعاليات المقهى الثقافي لتقدم في كل يوم أمسية ثقافية جديدة.
“زايد شخصية استثنائية”
سلط الروائي علي أبو الريش، الضوء على الشخصية الكاريزمية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، خلال الجلسة الحوارية التي نظمها المقهى الثقافي، ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية اليومية، تحت عنوان “زايد شخصية استثنائية”، وتطرق إلى دوره في بناء الاتحاد، وتقديره للشباب ودورهم الريادي في بناء الدولة وفي استشراف المستقبل، ومساعدة وتنمية الدول والشعوب للنهوض وبناء مجتمعاتها لمواكبة التقدم العالمي.
وقال خلال الجلسة التي حاوره فيها الإعلامي ظافر جلود، إن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، طيب الله ثراه، يعد ظاهرة تاريخية للوطن العربي، فذكراه ما زالت في قلوب الجميع، ومآثره الطيبة غرست في الحياة اليومية، فهو أخذ قلوب الناس ووجدانهم لما قدمه لهم، لافتاً إلى أن الشيخ زايد وضع الإنسان ضمن أولوياته الأولى، وكان منغمساً في حب الجميع، ولم يفرق بين أحد.
وبين أبو الريش، أن هناك الكثير من النظريات التي غيرت الكون من حيث الإنسان والمجتمعات وسلوك الأفراد، ولكن النظرية الوحيدة التي لم تتغير هي حب الشيخ زايد الذي زرعه في قلوب الجميع، لافتاً إلى أن نماذج الوحدة العربية جميعها فشلت، وبقيت الإمارات صرحاً خالداً، لأن مؤسسها بناها على الحب والوحدة، وركز على بناء الإنسان والنهضة الشاملة في جميع المجالات، وترسيخ أسس نهضتها الحديثة، وإنجازاتها على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
وأوضح أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان يأخذ بآراء الجميع للتوصل إلى ما فيه خير البلاد، وأنه بنى له مكاناً مرموقاً في وجدان كل العرب لا يزال باقياً حتى الآن، لافتاً إلى حكمة الشيخ زايد التي جعلته على رأس أهم الشخصيات العربية المؤثّرة والمهمة، مشيراً إلى أن الشيخ زايد شخصية استثنائية ولا تتكرر في التاريخ.
مبادرة بركة التراث
الزائر لأيام الشارقة التراثية في قلب الشارقة، سيعرج بالضرورة على مقر مبادرة بركة التراث، التي تحتل موقعاً استراتيجياً في قلب الأيام، فهي عبارة عن معرض لكبار السن من الإماراتيين يتم فيه عرض الحرف اليدوية لديهم، وتفاعلهم وتواصلهم مع الجمهور وزاور الأيام.
وقالت عائشة غابش، المنسق العام لمبادرة بركة التراث في معهد الشارقة للتراث، نحن فخورون بانضمام الشارقة إلى الشبكة الدولية للمدن المراعية للسن، لتصبح أول مدينة عربية تنضم لهذه الشبكة، وجاءت هذه المبادرة لدمج كبار السن في البرامج المجتمعية المختلفة، والأنشطة التي تقدمها مختلف الدوائر الحكومية لهذه الفئة من المجتمع، وقد بدأت المبادرة في أكتوبر 2017، وتستمر حتى العام المقبل، وتم تنفيذها على مدار يومين في المعهد وفي ضاحية مويلح، في العام الماضي، وهي اليوم في سنتها الثانية.
وأوضحت أن الهدف من المبادرة العمل على إدماج كبار السن مع المجتمع، كي لا ننساهم، وذلك من خلال حضورهم في الفعاليات الثقافية والتراثية، ومختلف الأنشطة التي تنظمها وتنفذها إمارة الشارقة، وهي دعوة دائمة ومفتوحة لكبار السن الذين يعملون في منازلهم ببعض الحرف، كي يمارسوا تلك الحرف أمام الجمهور في أيام الشارقة التراثية.
ما يستحق الذكر أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كان قد أصدر قراراً إدارياً بشأن تهيئة إمارة الشارقة للانضمام إلى الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن، حيث يهدف القرار الإداري رقم 2 لسنة 2017 إلى إيجاد بيئة مادية وصحية واجتماعية واقتصادية وحضارية شاملة مستدامة، تتيح لكبار السن المقيمين فيها الاستفادة من مواردها بسهولة ويسر، وصولاً لشيخوخة صحية فعالة، وتحسين نوعية الحياة لهم ومشاركتهم لخبراتهم مع الآخرين، للإسهام في تحقيق تنمية المجتمع، ويكون الإطار الزمني لانضمام الإمارة الرسمي إلى الشبكة من أكتوبر 2016 حتى أكتوبر 2020، أو الحصول على الاعتماد الدولي “إمارة الشارقة مدينة مراعية للسن”.
وبحسب القرار، على الجهات الحكومية العمل على استيفاء معايير الانضمام إلى الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن، من خلال العمل على إطلاق مبادرات مؤثرة في تطوير الخدمات الموجهة لكبار السن في كل القطاعات، وضمان استدامتها في مجال المساحات الخارجية والأبنية والنقل والإسكان، والمشاركة الاجتماعية والاحترام والاندماج الاجتماعي، والمشاركة المدنية والتوظيف، والاتصالات والمعلومات، والدعم المجتمعي والخدمات الصحية، بالإضافة إلى نشر الوعي في المجتمع حول الاستعداد لمواجهة انقلاب الهرم الديموغرافي لمصلحة كبار السن في المجتمع من خلال التشيخ السريع للسكان مع التوسع في المدن، بسبب تطور الرعاية الصحية للسكان، وتمكين كبار السن من الاندماج في المجتمع، ومشاركة خبراتهم بإصدار تشريعات داعم، وفي سبيل تنفيذ القرار، تعمل الجهات الحكومية على تطبيق مبادرات عدة، منها مبادرة الأماكن العامة الصديقة لكبار السن، من خلال توفير مساحات خضراء في المناطق السكنية، ومنحدرات مهيأة لاستخدام الكراسي المتحركة، وتوفير مقاعد خارجية في الحدائق والممرات العامة والأرصفة.
قرية الطفل
كعادتها منذ اليوم الأول لانطلاقة أيام التراثية، تحرص قرية الطفل على تقديم وجبة معرفية وتعليمية وترفيهية دسمة ومتنوعة للأطفال الذين يتوافدون على القرية يومياً، من أجل اللعب والمعرفة والترفيه، حيث يجدون ضالتهم في كل ذلك، نظراً للتنوع الكبير في الأنشطة التي تقدمها القرية للأطفال، فهنا مجموعة تلعب في بعض الألعاب الترفيهية والتراثية، وهناك مجموعة أخرى مع هذه المدربة أو تلك من أجل الاستماع والمشاهدة والمتابعة لهذه الورشة المعرفية والتعليمية أو تلك، وهكذا في كل مكان في قرية الطفل.
وتميزت قرية الطفل هذا العام بإضافات نوعية مميزة، وفقاً لسمية النقبي، منسقة قرية الطفل، التي شرحت بأن قرية الطفل فيها كل ما يسهم في الارتقاء بوعي ومعارف الأطفال الذهنية والمعرفية والصحية والرياضية والتراثية، وقد تم تقسيم القرية إلى أركان عدة، فهنا ركن الطهي، حيث يتعرف الأطفال على الوجبات والمأكولات والحلويات التقليدية والتراثية وكيف صناعتها ومم تتكون، وهناك ركن مسرح الدمى والحكواتي الذي يركز في كل يوم على حكاية تراثية إماراتية، بما يسهم في تحقيق أهداف الأيام ومعهد الشارقة للتراث بعملية نقل مختلف عناصر ومكونات التراث من جيل إلى جيل، وهنا مندوس زايد الذي يتزامن مع عام زايد، ومن خلاله يمكن التعرف على الكثير من شخصية باني ومؤسس الدولة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ومقولاته وجهوده وإنجازاته، وهناك الورش المتنوعة، وهناك نجوم المسرح والسعادة، ومعرض صور وأمثال، حيث تم ربط كل صورة بمثل شعبي إماراتي، وهناك ركن القراءة والمكتبة.
معرض ماضي وذكريات من تراث السعودية والإمارات
تشهد أيام الشارقة التراثية في نسختها الـ 16، 4 معارض جديدة ونوعية، من بينها معرض ماضي وذكريات من تراث السعودية والإمارات، للفنان التشكيلي السعودي عبد العزيز المبرزي، ومنذ اليوم الأول وهو يشهد إقبالاً لافتاً من قبل زوار الأيام، كما يشهد تساؤلات كثيرة عن فكرته والهدف منه، والذي يتجلى بالتأكيد على أهمية ومتانة وقوة العلاقات بين السعودية والإمارات تاريخياً، وحالة المحبة والانسجام والتناغم بين البلدين، حيث يتجلى من خلال تلك الأعمال التي قدمها الرسام المبرزي، حيث بلغت 36 لوحة فنية تمثل عنصراً مهماً لتوثيق العلاقة بين السعودية والإمارات وتراثهما الزاخر، حيث يحتفي الفنان من خلال تلك اللوحات بجماليات المكان التراثي والتاريخي، وتعكس تلك الأعمال المعروضة مفردات العمارة السعودية والإماراتية التقليدية التي تتجلى في البيوت القديمة ونمط بنائها ومعمارها التاريخي العريق، وفي تلك الأعمال تطواف جميل في أعماق التاريخ حيث الكثير من المعالم والشواهد التي ما زالت حاضرة.
البيئة البحرية تشهد إقبالاً لافتاً من الزوار
تعد البيئات الإماراتية المشاركة في أيام الشارقة التراثية في نسختها الـ 16 واحدة من أبزر معالم أيام الشارقة التراثية في هذا العام، حيث تشهد تفاعلاً حيوياً لافتاً وإقبالاً كبيراً من قبل الجميع، سواء مواطنين ومقيمين وزوار، وفي موقع البيئة البحرية التي هي جزء لا يتجزأ من البيئات المشاركة في الأيام، يوجد العديد من القصص التي تروي مغامرات البحارة والصيادين ورحلاتهم اليومية والشهرية وأعمالهم اليدوية الشاقة، التي كانوا يقومون من خلالها بتلبية جميع احتياجاتهم في رحلاتهم في وسط البحار أو في الصيد أو حتى في صناعة القوارب التي يركبونها.
ويستمع الزوار إلى البيئة البحرية التي يشارك فيها مجموعة من المواطنين والبحارة والصيادين من منطقة دبا الفجيرة، إلى القصص والحكايات من القائمين على تلك البيئات الذين جاءوا من منطقتهم، ليكونوا على تماس مباشر مع الزوار، ليشرحوا لهم حياة تلك الأيام ومغامراتهم في أوساط البحار.
ولا يمكن لزائر الأيام أن يتخطى منطقة البيئات الإماراتية من دون الوقوف عند البيئة البحرية لالتقاط الصور والسؤال عن الأدوات المعروضة والأدوات التي يصنعونها والتي تذكر الزوار بما كان يقوم به الأجداد والأسلاف، خصوصاً في عالم البحر وأسراره وتفاصيل رحلات الصيد والبحث عن اللؤلؤ.
وشهدت البيئة البحرية التي تتخذ موقعاً استراتيجياً في ساحات الأيام، إقبالاً كبيراً من المواطنين والزوار والضيوف منذ اليوم الأول لانطلاقة الأيام، ويؤكد المشاركون في البيئة البحرية أنهم جاءوا إلى الأيام من دبا الفجيرة، حتى يساهموا في تعريف الزوار وأبناء الجيل الجديد من المواطنين بمختلف تفاصيل الحياة في البيئة البحرية، إضافة إلى تعليم الزوار بضرورة التمسك بالتراث والحرص على الحفاظ عليه ونقله إلى الأجيال المستقبلية.
وتتميز البيئة البحرية بألوان خاصة من الفنون الشعبية، كغناء النهام، وحرفها الخاصة مثل تحضير وبيع الأسماك المجففة والطازجة، وبيع الملح البحري، وفلق المحار لاستخراج اللؤلؤ وفتل الحبال، وعرض مختلف أشكال الأصداف والمحار والقراقير والمراسي، ومهنة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، التي كانت المهنة الرئيسية في الماضي.
كما حرصت البيئة البحرية على التعريف بأدوات الصيد وتعريف الجمهور بكل ما يتصل بالبحر من مهن وحرف، كمهنة صنع الأسماك المجففة “العومة”، وعرض أدوات الصيد باستخدام الصنارة وخيوط النايلون، وكل ما يتعلق بمستلزمات الصيد، وصناعة الليخ أي الشباك، والتعريف بالسفن الإماراتية القديمة، من خلال نماذج مصغرة منها، والتعريف بأسمائها مثل البوم والبغلة والبقارة، وغيرها