دبي :محمد محمد نور
… كلما ذكرت دبي – محطمة الأرقام القاسية في الدهشة – كان اسم محمد بن راشد آل مكتوم حاضراً في كل لمسة اعجاز وجمال شهدته هذه المدينة الرائعة خلال السنوات الأخيرة .. ولا يختلف اثنان على أن كل المشاريع الضخمة التي تحتضنها دبي الإمارة والمدينة علامة انجاز محض مسجلة باسم هذا الرجل وتحت توقيعه .. نعم هو رجل الدولة الذي جعل من إمارته قبلة العالم في كل شيئ لأنه يتحدث أفعالاً تنطق شموخاً وبهاءً وتألقاً .. والقصة بدأت ولكنها لم تكتمل بعد لأن الطموح عند محمد بن راشد يبقى دائماً خارج حدود الزمن والمسافة ليعانق الخيال .. غير أنه خيال ليس بعيد المنال … وسيرة هذا البَنَّاء العظيم أكبر من كل مساحات التدوين لأنها سيرة أمة أرادت فانجزت ، ومسيرة شعب يعشق الثريا وها هو يلامسها أو يكاد .
بطاقة شخصية
… ولد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في العام 1949 م بذات المدينة التي يشيد مجدها اليوم ويضعها تاجاً على عرائس المدائن ، ونشأ في كنف جده الشيخ سعيد بن مكتوم ليضرب موعداً مع الجغرافيا والتاريخ والشموخ لأن الشيخ منذ طفولته الباكرة كان مولعاً بالصيد والصقور والفروسية والرماية والسباحة مثلما عشق الرفعة والعلو و ترويض المستحيل .. ومنذ سنوات عمره الأولى رأى فيه الشيخ راشد مشروع قائد متكامل الأركان فشجعه على الالتحاق بالحياة العسكرية ومن ثم اسند إليه مسؤولية الأمن في الإمارة . وكان قبلها قد سافر إلى لندن برفقة إبن عمه الشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم في العام 1966م لدراسة اللغة الإنجليزية ، وفنون العسكرية بجامعة كمبرج وكلية مونز على التوالي . بعد عودته تم تعيينه رئيساً للشرطة والأمن العام في دبي ، ولم يلبث طويلاً في موقعه هذا حتى اوكلت إليه مهمة تشكيل قوة دفاع دبي ليصبح في العام 1971م وزيراً للدفاع بحكومة الإمارات الاتحادية .
مرحلة أخرى
في الرابع من مارس من العام 1995 م انتقل الشيخ محمد بن راشد إلى مرحلة مهمة في مسيرته القاصدة وذلك حينما صدر قرار حاكم إِمارة دبي الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم بتعيينه ولياً لعهد الإمارة، وقال حينها محمد بن راشد ما نصه : ( لا أدري إن كنت قائداً جيداً أم لا لكن ما أعرفه أنني الآن في مركز قيادي ولدي رؤية واضحة للمستقبل اكتسبتها من والدي المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ) وقد كان حديثه صدقاً وعملاً حيث تجسدت رؤيته اليوم واقعاً يسعى بين الناس وانجازات تتحدث بها الأمم .
بعد تقلده ولاية العهد بدأت مرحلة مختلفة في تاريخ الإمارة و وضع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم منذ الوهلة الأولى ثلاثة عناصر أساسية لخصها في الآتي :
– تسويق دبي عالمياً
– تحقيق مصداقية ما تعد به إمارة دبي.
– أن جميع ما يجري في دبي يتم عبر مناخ آمن وناجح .
وبتلك العزيمة الماضية استهل الشيخ محمد بن راشد عمله في دبي وهو مؤمن بطموحاته و واثق من مقدراته لتحقيق هذه الغايات وكان الإعلان عن ولادة مهرجان دبي الدولي للتسوق في أواخر العام 1995م خطوة أساسية نحو الترويج الاستثماري للإمارة حيث بلغت المبيعات في دورته الأولى ما يقارب مليار دولار .
دبي الأحلام والأرقام
شكلت السياحة جانباً مهماً على خارطة برنامج الشيخ محمد بن راشد التطويري فكان افتتاح المرحلة الأولى من مطار دبي الدولي في الأول من أبريل عام 1998م كنقلة نوعية عصرية وفق أحدث المواصفات العالمية ومثلت هذه الخطوة فتحاً كبيراً على مجال السياحة بإمارة دبي . ثم أنطلقت هذه المسيرة السياحية إلى إنشاء مجموعة من الفنادق والمنتجعات والمجمعات التجارية والترفيهية العالمية حيث أقيم مشروع فندق برج العرب على جزيرة اصطناعية على غرار مبنى امباير ستيت بلندن ، وتلاه مشروع منتجع جزيرة النخلة في العام 2001م الذي يتألف من ثلاث جزر اصطناعية على ساحل دبي ، ومدينة دبي للانترنيت كأضخم مجمع في الشرق الاوسط لشركات التقنية والاتصالات والمعلومات في العالم حيث وصل عددها إلى 100 شركة داخل هذه المدينة من بينها مايكروسوفت وأوراكل وسيسكو وسوني واريكسون لتصل استثماراتها إلى 700 مليون دولار امريكي في عامها الأول . أما الانجاز الأكبر على الاطلاق في مجال السياحة فهو برج خليفة الذي افتتحه الشيخ محمد بن راشد في العام 2010م بارتفاع 828 متراً عن سطح الأرض ويتكون البرج من 180 طابقاً ويضم فندقاً يشتمل على 403 جناحاً إضافة إلى 1044 شقة سكنية ويعتبر البرج أعلى بناية في العالم حتى يومنا هذا .
الوثبة الكبرى
في الرابع من يناير 2006 تولى الشيخ محمد بن راشد المكتوم الحكم في إمارة دبي عقب رحيل أخيه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم وانتخبه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد في الخامس من يناير 2006 نائباً لرئيس الدولة، وتم تكليفه برئاسة مجلس الوزراء ومنذ توليه هذه المواقع العليا في الإتحاد الإماراتي بدأت وتيرة الإنجازات في دبي تذهب بعيداً على المستوى المحلي والأقليمي والعالمي . أعلن الشيخ محمد بن راشد في الثالث من فبراير 2007م خطته الاستراتيجية لتعزيز مكانة دبي كمركز اقتصادي ومالي عالمي وذلك عبر إطلاق توجه الحكومية الإلكترونية الذكية في كل المعاملات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وبدأ معهت تطبيق فكرة الإدارة لتسهيل الإجراءات وسرعة الأداء عبر الأساليب الحديثة في الإدارة لرفع مستوى العمل الحكومي بالتوازي مع القطاع الخاص . وتعود فكرة الحكومة الإلكترونية في الأصل إلى العام 1999م حين أعلن وقتها الشيخ محمد بن راشد في كلمة ألقاها أثناء حفل لتوزيع جائزة دبي للجودة أن حكومة دبي سوف تتحول بشكل كامل إلى حكومة إلكترونية بعد عام ونصف العام وقد كان وكانت أول حكومة إلكترونية في العالم ..
حكم راشد و رؤية نافذة
لم تكن الإنجازات الاقتصادية والطفرات الاستثمارية والإدارية بعيدة عن مسيرة الاصلاح السياسي التي اتبعها الشيخ محمج بن راشد فقد حرص على تطبيق نهج قيادي هدفه تسيير الوزارات والهيئات وفق نموذج خلاق في انجاز المهام وتنفيذ المشاريع والتي جاءت ضمن المرحلة الأولى من استراتيجية الحكومة الاتحادية 2008م والتي مهدت الطريق نحو المرحلة الثانية 2013م وصولاً إلى تحقيق رؤية الإمارات للعام 2021م التي تهدف إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتطوير القطاع العام ضمن مبادئ العدالة والمحافظة على الهوية الإماراتية بمشاركة الجميع .