علي اليامي
كلما مررت على بيت أبو الطيب المتنبئ الذي يقول فيه:
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارم
كانت صورة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله ورعاه – ماثلة أمامي كأنه معي وبجواري في تلك اللحظة حتى لو أن المسافات تفصل بيننا فهو حاضر دائماً في كل زمان ومكان، بل أن سموه وما زال يسكن وجدان كل أهل نجران الذين عرفوه عن قرب لأنه دخل قلوبهم من غير إستئذان منذ اللحظة الأولى التي جاء فيها أميراً على هذه المنطقة المعطاة. الأمير مشعل ليس مجرد قيادي مر بنجران بل قصة حب باقية وتواصل إنساني تجاوز حدود المنصب وكل المراسم التقليدية. كان ومازال يحتل مكانة خاصة لدى أهالي نجران وحين يذكر اسمه يأتي متبوعاً بكل صفة جميلة فهو الرجل المتميز في كل شيئ، والإداري المتمكن والأديب والمثقف وفوق كل هذا وذاك هو شعلة لا تنطفئ من النشاط والأمير الذي جعل من التواضع وحب الآخرين والاستماع إليهم سجية دائمة لا تفارقه في حله وترحاله. عرفته قريباً من الجميع يصغي إليهم ليس بسمعه وحسب بل بجميع مشاعره وأحاسيسه .. يتلمس همومهم كأنهم أبنائهم ويبسط لهم أكف العطف والمساعدة والاهتمام. مشعل بن عبد الله كان في نجران ومكة أميراً يطوف بالإنسانية بين الناس ولازالت أعماله وأفكاره وبصماته تحكي عن مدى إرتباطه بالناس وقربه منهم وتؤكد روحه الوطنية المتدفقة وحرصه المستدام على تقديم كل ما لديه من وقت و جهد وفكر في سبيل تطور ورفعة هذه البلاد المباركة التي تنعم الآن برعايه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز و ولي عهده المحبوب الأمير الشاب والقائد العالمي الطموح الأمير محمد بن سلمان.. نعم من هذ ا المعين الطيب ومن والده الراحل المقيم الملك عبد الله بن عبد العزيز يستمد الأمير مشعل هذا العطاء الإنساني غير المحدود لذلك ليس غريباً على سموه أن يتربع على القلوب ويمتلك نواصي الاحترام والتقدير حتى بعد إبتعاده عن المناصب الرسمية.
… وأنا شخصياً كاعلامي ومواطن نجراني كنت ومازلت أحتفظ بمكانة رفيعة لسمو الأمير مشعل لأني تعلمت منه الكثير في حياتي العامة والخاصة مثل كثيرين غيري عرفوه عن قرب ولمسوا فيه كل القيم الإنسانية النبيلة. وحبي واحترامي لسموه يتجاوز حدود الكلمات وتعجز عن وصفه كل العبارات بل تتوارى مفردات اللغة المكتوبة والمنطوقة خجلاً حين أتحدث عن هذا الرجل النموذجي. وكلما هاتفني أو تلقيت رسالة من سموه يسأل فيها عن حالي أرتفع عندي فوق سموه سمواً، وبلغت محبتي له سقفاً بعيداً. أعرف أن شهادتي عن الأمير مشعل مجروحة ولكنها الحقيقة التي لا يجوز لي أن اكتمها هكذا تعلمنا ومازالنا نتعلم من سموه فهو أستاذ الصراحة ومفتاح البشريات وصاحب النفس الصافية. ويكفيني فخراً وعزاً أنى موجود في ذاكرة هذا الإنسان الرائع ويزيدني شرفاً أني مازالت أحظى بتواصله الكريم مع شخصي المتواضع.
… هكذا هو حال الرجال العظماء تظل سيرتهم العطرة ومسيرتهم المبهرة مصدر إلهام، ومحل احترام، ومنبع محبة لا ينضب في كل الأحوال والظروف.. هي مجرد كلمات خجولة أردت منها أن استعيد لمحات سريعة عن سمو الامير مشعل وهو مازال يدهشنا في كل يوم بالجديد والمفيد ويعلمنا بتواضعه الجم كيف يكون العطاء والإخلاص والإنتماء والوفاء.