علي اليامي
… تظل الذكريات محفورة في الوجدان عصية على النسيان .. وأنا شخصياً لدي اهتمام خاص بالماضي كما هو اهتمامي بالحاضر الجميل فكلما ابتعدت منه يشدني إليه فأعود لأتصفح سجلاته، وفي كل مرة تكون الدهشة أكبر.. وما أروع القصص والمواقف التي تسكن في أعماقنا وتفجر فينا طاقات متجددة نحو الغد الجميل .. أسوق هذه المقدمة عن الذاكرة والذكريات الاعلامية بعد تصفحي مجموعة من النسخ القديمة لصحف ( الوطن ) و( الشرق) و ( مكة) ومجلة ( أخدود نجران) أحتفظت بها في أرشيفي كعادتي دائما ، وأحسب أن كل إعلامي مهني يحتاج إلى مثل هذه المحطات من وقت لآخر حتى يستصحبها معه في حاضر تفكيره.. أستوقفني خلال مطالعتي لهذه الأعداد اسم ظل وما زال مرتبط لدي بالمواقف الإنسانية النادرة ، والحس الوطني الرصين ، والوعي الكامل بمجريات الأمور وتحولات المجتمع الجميلة .. هذا الاسم دون مقدمات هو ( مشعل بن عبد الله ) حيث تجتمع كل الصفات التي ذكرتها سابقاً في سموه بل أكثر.. وعودة إلى تلك الصحف وفي جريدة ( الوطن ) التي كنت مدير مكتبها بمنطقة القصيم طالعت العنوان التالي: ( مشعل بن عبد الله يحتفل مع أهالي نجران في القرية التراثية) وحين تمعنت في تفاصيل التقرير أدهشني هذا العدد الكبير من رجال الأعمال الذين شاركوا في دعم القرية التراثية الممثلة لمنطقة نجران بمهرجان الجنادرية وكيف قام صاحب السمو الملكي الامير مشعل بن عبدالله بتكريم هذه المجموعة من رجال الأعمال في قصره بالرياض تقديراً لتفاعلهم الوطني وانفعالهم الإيجابي مع كل ما يهم نجران وأهلها ماضياً وحاضراً وشكلت كلمات سموه في ذاك التكريم دافعاً قوياً عندهم لدعم نادي نجران سنوات وسنوات بدوري المحترفين.. وتوالت العناوين أمامي .. وهذه المرة لخبر كتبته بنفسي في صحيفة الشرق يحمل البشرى السارة بعفو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله عن السجين ( هادي آل مطيف ) .. وهذا الخبر أشاع وقتها فرحة عارمة بين أهالي نجران، وأذكر أن الأمير مشعل كان قد زف إلي هذا الخبر السعيد وهو موجود في إجازته السنوية بفرنسا وبجانب الفرحة التي أحدثها لدى الجميع إلا أن حرص الأمير مشعل على إبلاغ أعيان المنطقة بصورة شخصية أكد لي مدى إنسانية هذا الرجل وأسلوبه الراقي وتعامله المتمدن في التعامل مع مثل هذه الحالات فحظي هذا الأمر بتقدير أكبر وحفاوة لا توصف من أهالي نجران كباراً وصغاراً ومازالت كلمات سموه في ذاك الموقف تطرق على جنبات ذاكرتي الحية فيزداد إعجابي به إعجاباً..
…. ( مشعل بن عبد الله يعزي نجران في رحيل الشيخ الوالد عبدالله المكرمي) .. خبر آخر نشرته هذه المرة صحيفة ( مكة ) وحينها كان الأمير مشعل خارج نطاق العمل الحكومي لكن نجران ظلت ومازالت تحتل حيزاً مقدراً من وجدان سموه ووفائه لأهلها لم ينقطع أبداً حيثما حل ورحل ولكما زاد بعده المكاني عنها كان بقلبه وروحه أكثر قرباً من أهلها ورمالها وجبالها وكل شيء فيها، وسموه مازال يحرص على اقتناء الجنبية النجرانية المشهورة وقد لازمته في كثير من المناسبات وهو متحزماً بها .. إنه مشعل البسيط والمتواضع والمتواصل مع أهل نجران في كل مناسباتهم الوطنية والاجتماعية. وقبل ختام حديثي في نهر الذكريات لن أنسى أبداً كلمات سموه المشجعة لي شخصياً حين قابلته في قصره بالرياض بعد تعيينه أميراً على نجران وأهديته نسخة من مجلة ( أخدود نجران) قال لي بتواضعه المعهود وأسلوبه المتحضر : ( هذا عمل إعلامي كبير وعلينا تطويع القلم لخدمة الوطن).
… هكذا هو مشعل بن عبد الله يدهشك في أي زمان ومكان فتقف الكلمات عاجزة عن الوفاء بقدره ومقداره وتفشل العبارات في احتواء مواقفه الإنسانية والوطنية نعم إنه مشعل المحب الصادق لتراب الوطن والإخلاص للقيادة الرشيدة يجسدها سموه في أسمى معانيها لذلك يبقى اسمه علامة وعي وبشارة خير في كل الأوقات والظروف.
