بقلم . د/ عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح عضو مجلس الشورى السابق
رئيس مجلس أمناء جامعة المستقبل ببريدة
لم تكن النهضة التي تشهدها المملكة وليدة الصدفة إنما كانت نتيجة ومحصلة لتخطيط وجهد وكفاح ونضال دام لأمد طويل ، وها هو التاريخ يد ّون بين طياته صفحة من انصع الصفحات لهذا الكفاح في يوم خالد من أيام الوطن المجيدة الذي و ّحد فيه الملك المؤسس طيب الله ثراه ربوع الوطن مترامي الأطراف هذا الوطن العزيز على قلوبنا الذي انطلق منه نور الإسلام وهدي الأنام إلى البرية جمعاء فجمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود القلوب وألف بينها فتوحدت الصفوف والسواعد وقاموا على قلب رجل واحد لإقامة هذا الصرح الزاخر بالعلا ، فأعد العدة وانطلق يقطع الصحاري يناضل ويجاهد رافعا راية التوحيد على ُخطى الأولين بحنكة ودهاء ورأي رصين ويطل التاريخ من شرفته الشاهقة ليجد كيانا تقر به الأعين وتسر به القلوب على خط ًى واثقة ليزداد البناء تماسكا وعزة وقوة يوما بعد يوم وكان لأول الميزان موعد مع القدر قبل تسعة وثمانين عاما حينما أعلن الملك عبد العزيز آل سعود يرحمه الله قيام المملكة العربية السعودية . إن هذا الحدث التاريخي الهام قد جاء في هذا اليوم الذي قاد إلى كثير من التغيرات والتحـولات والتطورات في مختلف الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و التعليمية و السياسية و الأمنية وغيرها من المجالات التي ظهرت خلال تسعة وثمانين عاماً من إنجازات حضارية بالكم و الكيف و ما يحدث من مزيد من التقدم و الازدهار . لقد كان هذا اليوم بداية البداية للانطلاق نحو الإنجازات المجيدة لحاضر مشرق و مستقبل باهر. و هذا ما يلمسه و يراه و ينعم به المواطن من منجزات حضارية في مختلف الميادين التنموية. إن ما حدث خلال تلك الفترة يظهر مدى التباين الكبير بين ما كانت عليه البلاد قبل التأسيس و ما هي عليه الآن . إنها مرحلة من الكفاح الشاق بدأت بها المملكة رغم العراقيل التي تحول دون تحقيق أي إنجازات ليس لكونها أرض صحراوية قاحلة فحسب وإنما أيضاً لعدم توفر الإمكانات المتاحة والقدرات اللازمة للانطلاق . إلا أن القائد المؤسس كان يملك من الصفات ما أهله لأن ينطلق إلى الأمام لتكون بداية الدخول لبوابة التنمية مما كان لها دور كبير بفضل الله و منته لظهور النهضة الشاملة التي تزداد عمقاً و شموخاً عاماً
بعد الآخر. إن اليوم الوطني هو اليوم الفاصل بين ما ساد في البلاد من فقر وجهل ومرض إلي ما هي عليه المملكة الآن من حياة اقتصادية واجتماعية وتعليمية وأمنية جاءت بعد عمل الإصلاحات اللازمة من تغير وتحول وتطور بذل فيها الجهد
للوصول إلي مستويات معيشية واجتماعية مميزة لأنها بنيت علي ركائز راسخة
1
من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف فكان دستور المملكة القرآن الكريم ورايته حاملة لكلمة التوحيد و يكفي المواطن فخراً وعتزازاً بدينه ووطنه. لذا جاء التغيير والتحـ ّول والنمو والتطور علي أسس وطيدة من العلم والإيمان فامتزجت حضارة العصر بالثقافة و الأصالة العربية الإسلامية دون مزايدات أو شعارات . إن الثروة النفطية التي ظهرت في المملكة بكميات تجارية عام 1357هـ تعد أيضاً أحد المحركات الرئيسية للدخول في التغيير والتح ّول والتط ّور . إن هذه الثروة لم تأتي من فراغ ولكن جاءت بعد اتخاذ قرار القائد المؤسس حينما تعاقد مع شركات أجنبية لاكتشاف آبار النفط و استخراج الذهب الأسود ليكون من صادرات المملكة التي قامت عليه صناعات عديدة من النفط و الغاز الطبيعي من خلال مشروعات صناعية عملاقة لإنتاج البتروكيماويات التي تعد أيضاً من أهم مصادر الدخل . من هنا تحتفي المملكة حكوم ًة وشعباً بهذا اليوم الخالد في نفوس الجميع لنتذكر القائد الذي كان مفتاح الخير للوطن والمواطن فكان النفط المعروف بالذهب الأسود هو البوابة الرئيسية للدخول في مجالات التنمية في شتى قطاعاتها التي بدت أكثر وضوحاً وعمقاً مع بدايات الخطط التنموية التي بدأت منذ عام 1391هـ حيث يتواصل النمو والتطور لقيادات رشيدة كانت خير خلف لخير سلف فها هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله يواصل مسيرة النمو والتطور مع ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز سلمه الله . إن النمو و التطور في هذا العهد الزاهر يتحرك بعجل ٍة منتظمة وبشكل مستمر من خلال تطبيق رؤية المملكة لقيام نهضة اقتصادية وعمرانية كبرى في الوقت الحاضر لخير دليل علي الجهود التي تبذلها قيادتنا الرشيدة مع أبناء الوطن من علماء ومسئولين
وأكاديميين وعسكريين ورجال أعمال فكل يعمل بجد وإخلاص في مجال عمله مما كان له دور في تسريع عجلة التقدم والازدهار. ولقد كان للقطاع الخاص دور ب َّناء في مشاركته الإيجابية لمسيرة النمو والتطور التي تظهر للعيان بالمشروعات بالكم و الكيف في شتى القطاعات وها هي الإحصاءات الاقتصادية عن صادرات وواردات المملكة من مختلف السلع والمنتجات التي تنمو عاماً بعد الآخر. ويطالعنا اليوم الوطني بحائط البطولات ولوحة الشرف التي ينطق مخطوطها ويفضي مضمونها بالجليل من الأعمال النهضوية التي حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله على دعمها فكرا وتوجيها وكذلك بوضع كافة الإمكانيات المادية لتشييد هذه المشاريع العملاقة التي يسابق بها الزمن لتعلو قامة فوق المكان حتى تصل بالوطن إلى المكانة المرموقة حيث
2
تتبوأ مكانتها السامقة لمسايرة الركب الحضاري المفعم بكل جديد والساعي بالمزيد نحو التقدم والارتقاء فكانت الانطلاقة الكبرى على كافة الأصعدة .
لقد استطاعت القيادة الرشيدة بفضل الله ثم حنكتها وحكمتها وطموحها الخ ّلاق بدفع عجلة النمو الاقتصادي ووضع المملكة على الخريطة العالمية فأصبحت في مقدمة الدول على المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي . وهكذا نجد المواطن السعودي دائماً علي رأس قائمة أولويات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فقد أكد حفظه الله مرارا وتكرارا على أهمية بناء الإنسان وتنمية قدراته وملكاته من خلال الفكر الثاقب لعملية البحث العلمي لما فيه من أساس لكل تقدم فالعلم هو ملهم كل حضارة لينطلق من خلاله البناء إلى الأفق السامق
الرحيب ومن هنا نعي الدور العظيم للإنسان في صنع حضارته الإنسانية .
فكانت الفكرة الطموحة للرجل الإنسان مليكنا سلمان وسمو ولي عهده الامين في دفع عجلة النمو والبناء نحو التقدم الازدهار ليتحمل كل مسئوليته تجاه وطنه من خلال العمل والتطلع إلى غد أفضل ليستشعر الإنسان الشراكة الحقيقة
في عملية البناء والتنمية .
إن هناك الكثير من الإنجازات في كافة القطاعات التي يصعب الإشارة إليها لأن كل منها يحتاج إلي العديد من المقالات ولكن علينا أن نتذكر جميعا هذا اليوم الذي يتكرر في مثل هذا الموعد من كل عام دافعا بنا لمزيد من النمو والتطور لحاضر مشرق ومستقبل واعد يزيد المملكة قو ًة ويقيناً ملتفين حول قيادتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان . وفي هذه المناسبة العزيزة علينا نسأل الله أن يوفق ولاة الأمر و المسئولين و يسدد خطاهم لما فيه المزيد من النهوض و التقدم . فالمملكة ستبقى دائماً و أبداً ذات المكانة الرفيعة العالية في قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لما تقوم به من أعمال جليلة لتوسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتيسير مناسك الحج و العمرة وكذا المساعدات المادية والمعنوية لكثير من الـدول التي تتـعرض للكـوارث والنكبات لأن المملكة دائماً وأبداً تعد نموذجاً للعطاء الصادق لكل من يحتاج الدعـم و المساندة . هذه هي مملكتنا الحبيبة في ذكرى يومها الوطني المجيد اسأل الله لها دوام الأمن والأمان وان يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي
عهده الأمين لكل خير ونهضة وتقدم وانجاز على كافة الأصعدة .